للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع

حجية القرائن، ومجال العمل بها

٢٥- قد لا يكون من المناسب- في مثل هذا البحث المحدود- أن نقف طويلا أمام حجية القرائن في الفقه الإسلامي، فالأمر مفصل فيما كتب من رسائل ومؤلفات والقول باعتبارها وسيلة صالحة للإثبات هو رأي الجمهور، وقد ترسموا فيما قالوه ما أقره النبي صلي الله عليه وسلم من استدلال بالقرائن في المسائل المدنية كاللقطة والقافة، أو في المسائل الجنائية كالقسامة، كما استوحوا فيما انتهى إليه ما ورد في القرآن الكريم من لوث في دعوى العرض، كما في قصة يوسف عليه السلام أو لوث في دعوى المال كما في شهادة أهل الذمة على المسلمين بالوصية في السفر، أو لوث في الأموال كما في سورة المائدة (الآيات ١٠٦، ١٠٧، ١٠٨) (١) .

ومن ثم، وقد وضح الحق على هذا النحو، فإنه لا يتصور أن يكون جدال بعض علمائنا الأفاضل في أمر القرائن، هو إنكار حقيقي للعمل بها، وإنما هو الخلاف في بعض الجزئيات أو على بعض التطبيقات.

وليس أدل على ذلك من الفقه الإسلامي- في جملته- يقر الاستدلال بالنكول عن اليمين، ويقدمه على أصل براءة الذمة مع أنه ليس إلا قرينة ظاهرة (٢) ويأخذ فيما يشبه الإجماع (٣) ، بوجود المسروقات في حوزة المتهم، كقرينة على ارتكابه الجريمة، إذا لم يبرر وجودها لديه ولو بمجرد الادعاء بالملكية (٤) .

بل إن البعض ممن قال بعدم الأخذ بالقرائن، كالخير الرملي، من فقهاء الحنفية، أخذ بها في بعض الجزئيات، كما في منع سماع الدعوى إذا خالفت شاهد الحال، فقد صادق فيها على رأي الولوالجي، وهو قائم على القرائن (٥) .


(١) ابن القيم - الطرق الحكمية - مرجع سابق، ص٦-٧.
(٢) ابن القيم- الطرق الحكمية- المرجع السابق، ص٧٠، الشيخ أحمد إبراهيم - طرق القضاء مرجع سابق، ص٤٣٠.
(٣) ابن القيم- الطرق الحكمية- المرجع السابق، ص٧. - عبد القادر عودة- المرجع السابق: (٢/٥٩٩- ٦٠٠) - البدائع للكاساني- المرجع السابق: (٢/٢٣٠) .
(٤) قارن الشيخ أحمد الدردير- الشرح الصغير- طبعة دولة الإمارات العربية المتحدة، السنة (١٤١٠هـ/ ١٩٨٩م) الجزء الرابع، ص٤٨٦.
(٥) الدكتور أحمد عبد المنعم البهي- من طرق الإثبات في الشريعة والقانون- المرجع السابق، ص٨٥- ٨٦. - الدكتور محمد رأفت عثمان- المرجع السابق، ص٤٧١- ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>