للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦- وقد يكون من المفيد في الكشف عن حقيقة رأي علمائنا الأفاضل في شأن الاستدلال بالقرائن أن نشير إلى نماذج مختلفة توضح موقفهم منه، ونختار لذلك ثلاثة: هي الحدود والقصاص، والقافة.

٢٧- ففي الحدود يرى المالكية- بصفة عامة- اعتبار القرائن في الإثبات استنادا في هذا إلى وقائع مروية عن الصحابة رضوان الله عليهم ولم يثبت فيها نكير من أحد، ومن ذلك ظهور الحمل على امرأة غير متزوجة، أو شم رائحة الخمر من فم إنسان (١) ، بينما يرى الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة أن القرائن المشار إليها لا توجب الحد، لأن إثبات الجرائم الحدية لا يكون إلا بالإقرار أو الشهادة، ولم يستثنوا من ذلك سوى ضبط المسروقات في حوزة المتهم بسرقتها، إذا لم يدفع التهمة بأي دفاع ولم يدع ملكيته لها، وأضاف الشافعي، في جريمة القذف، أنه إذا لم يكن لدى المقذوف دليل آخر، كان له أن يستحلف القاذف، فإن نكل، ثبت القذف في حقه بالنكول (٢) .


(١) شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقي- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير- مطبعة مصطفى محمد- المكتبة التجارية الكبرى سنة (١٣٥٥هـ/ ١٩٣٦م) الجزء الرابع، ص٣١٥- ٣٥٢. - ومحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي- بداية المجتهد ونهاية المقتصد. - مطبعة الاستقامة بالقاهرة سنة (١٣٧١هـ/ ١٩٥٢م) الجزء الثاني، ص٤٢٩- ٤٣١. - وللحنابلة في الرائحة رأيان أحدهما أنه لا يحد، والثاني أنه يحد إذا لم يدع الشبهة. - يراجع في ذلك: علاء الدين أبو الحسن على بن سليمان المرداوي- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل- مؤسسة التاريخ العربي ودار إحياء التراث العربي- الطبعة الأولى: (١٠/٢٢٣) .
(٢) الدكتور محمود عبد العزيز خليفة- النظرية العامة للقرائن في الإثبات الجنائي- المرجع السابق، ص١٠٨ والمراجع المشار إليها فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>