للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩- وأما القافة، فقد فصل فيها القول الإمام ابن القيم، وأوضح أن سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم قد دلت عليها، وأن خلفاءه الراشدين وصحابته قد عملوا بها من بعده، وأن القياس وأصول الشريعة تشهد لها ... وبذلك يكون ما قاله أبو حنيفة وأصحابه إليها، من عدم اعتبارها مخالفاً لجمهور الأمة، وفيه تفويت لمصالح يحرص الشارع على الحكم بها، إذ القافة إنما يحتاج إليها (عند التنازع في الولد نفيا وإثباتا، وحينئذ فإما أن يرجح أحدهما بلا مرجح، ولا سبيل إليه، وإما أن تلغى دعواهما فلا يلحق بواحد منهما،وهو باطل أيضا، فإنهما معترفان بسب اللحوق وليس هنا سبب غيرهما، أو أن يلحق بهما مع ظهور الشبه البين بأحدهما، وهو أيضا باطل شرعا وعرفا وقياسا، وإما أن يقدم أحدهما بوصفه لعلامات الولد، كما يقدم واصف اللقطة، والفرق بينهما ظاهر، فإن اطلاع غير الأب على بدن الطفل وعلاماته غير مستبعد، بل هو واقع كثيرا، فإن الطفل بارز ظاهر لوالديه وغيرهما، أما اطلاع غير مالك اللقطة على عددها وعفاصها ووعائها ووكائها، فأمر غاية في الندرة، فإن العادة جارية بإخفائها وكتمانها، فإلحاق إحدى الصورتين بالأخرى ممتنع (١)) .

ومن ثم فإن اعتبار الشبه في لحوق النسب لا مناص منه، طالما لم يقاومه سبب أقوى منه، كالفراش الذي يحكم به وإن كان شبه الولد لغير صاحبه، وكاللعان الذي لا يحكم معه بالإلحاق لأنه أقوى من الشبه قاطع للنسب.


(١) ابن القيم- الطرق الحكمية- المرجع السابق، ص١١، ٢٣٤ وما بعدها، ص٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>