للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل سعدي أبو جيب (١) عن المجلة (م١٧٤١) قولها: القرينة القاطعة هي الأمارة البالغة حد اليقين، مثلا إذا خرج أحد من دار خالية، خائفا مدهوشا، وفي يده سكين ملوثة بالدم، فدخل في الدار، ورئي فيها شخص مذبوح في ذلك الوقت، فلا يشتبه في كونه قاتل ذلك الشخص ولا يلتفت إلى الاحتمالات الوهمية الصرفة، كأن يكون الشخص المذكور ربما قتل نفسه.

وعرفها علماء القانون (٢) بأنها: نتيجة يستخرجها القانون أو القاضي من واقعة معروفة (مثلا تاريخ العلاوة وتاريخ الزواج) لواقعة مجهولة (الأبوة مثلا) تجعل وجودها قريبا من الحقيقة بفعل الأولى، أسلوب تقني يؤدي، بالنسبة إلى من يستفيد منه، إلى الإعفاء من إثبات الواقعة المجهولة التي من الصعب أو المستحيل إقامتها مباشرة شرط أن تعزى البينة الأسهل إلى الواقعة المعروفة (وبالتالي هناك انتقال لموضوع البينة) مع التحفظ عندما تكون القرينة قابلة للدليل المضاد، لجهة إثبات الخصم انعدام الواقعة المجهولة المفترضة (هناك، في هذه الحالة، قلب لعبء البينة) .

وقال عبد الرزاق السنهوري (٣) : عرفت المادة (١٣٤٩) من التقنين المدني الفرنسي القرائن بوجه عام بأنها هي: (النتائج التي يستخلصها القانون أو القاضي من واقعة معلومة لمعرفة واقعة مجهولة) .

فهي إذن أدلة غير مباشرة، إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق، بل على واقعة أخرى إذا ثبتت أمكن أن يستخلص منها الواقعة المراد إثباتها.

وهذا ضرب من تحويل الإثبات من محل إلى آخر.

قلت:

ويمكن تعريف القرينة شرعا بأنها الوسيلة التي يتوصل بها إلى استنتاج أساسي تطمئن إليه النفس لإثبات واقعة أو نفيها، عند انعدام البينة القاطعة، ويترتب على استنتاجه حكم واجب التنفيذ، سواء كانت هذه الوسيلة أداة أو واقعة أو حالا مصاحبة لما أو لمن يراد الحكم عليه بالإدانة أو بعدمها.


(١) القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ص:٣٠٢.
(٢) انظر جيرار كورنو- معجم المصطلحات القانونية، ترجمة منصور القاضي، المجلد: ٢ (ص- ى) ، ص: ١٢٧٥.
(٣) الوسيط في شرح القانون المدني الجديد: ج: ٢، ص: ٣٢٨- ٣٢٩، ف: ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>