للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستفاد من هذه النقول من فقهاء المالكية أنهم يثبتون الحد بظهور الحمل عند المرأة التي لا زوج لها، أو الأمة التي لا زوج لها، وكان سيدها منكرا لوطئها، ولا يصرف عنها الحد إلا إذا أتت ببينة على نكاحها، أو بينة على إكراهها، أو قامت القرائن على الإكراه، ومن القرائن التي تدل على أنها فعلا مكرهة أن تأتي متعلقة به بشرط أن يكون ذلك الرجل ممن يتهم بمثل ذلك، فإن كان معروفا بالصلاح لا يسمع قولها وتحد.

وثبوت حد الزنا بالحبل قال به شيخ الإسلام ابن تيمية فيقول في تأييده: (وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين، وهو الأشبه بأصول الشريعة وهو مذهب أهل المدينة، فإن الاحتمالات النادرة لا يلتفت إليها، كاحتمال كذبها وكذب الشهود) (١) .

وسار على ذلك ابن القيم: (وهذا هو الصواب، فإن دليل القيء والرائحة والحبل على الشرب والزنا أولى من البينة قطعا، فكيف يظن بالشريعة إلغاء أقوى الدليلين) (٢) .

والفقهاء المجيزون لإثبات حد الزنا بالقرينة لم يذكروا إلا قرينة الحبل مما يدل على أنهم لم يطلقوا العمل بالقرائن، ولم يتركوا إثبات الزنا لاقتناع القاضي فلو دلت قرائن أخرى غير قرينة الحبل على الزنا لم يأخذ بها، كما إذا وجدا في لحاف واحد، وكانت حالتهما تدل على أنهما ارتكبا موجب الحد، أو إذا احتملها وغاب بها وادعت أنه وطئها وأنكر هو لا يثبت الحد ولو اقتنع القاضي بدلالة هذه القرائن على الزنا (٣) .


(١) السياسة الشرعية لابن تيمية، ص١١١
(٢) إعلام الموقعين: ٤/٣٧٤.
(٣) انظر تبصرة الحكام لابن فرحون: ٢/١٣٤، البهجة شرح التحفة للتسولي: ٢/٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>