لا ريب أن أقرب وصف لما ذكر أعلاه هو الضمان (كفالة الدين) .
فإن قيل: الضمان عند جمهور الفقهاء هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الدين، فيثبت في ذمتيهما جميعا، فينبني على ذلك انشغال ذمة الكفيل والأصيل بالدين، وللدائن مطالبة أيهما شاء، فإذا كان الأمر كذلك فإن مبنى البطاقة لا يكون الضمان، لأننا لم نعهد في عمل البطاقات أن طالب التاجر (الدائن) حامل البطاقة (المدين) بل هو يقتصر على مطالبة الكفيل (مصدرها) مما يدل على أن انشغال الذمتين بالدين لا يحصل فيها إذ لو كانت ذمتيهما مشغولة بالدين لكان له أن يطالب أيهما شاء، فكيف تعد من الضمان؟ فالجواب عن ذلك أن ما ذكر من ناحية المطالبة هو المعهود فعلا في عمل البطاقات، ولكن ذلك ليس دليلا على عدم انشغال الذمتين.
ذلك أن مصدري البطاقة يلتزمون، ضمن شروط السماح لهم بالإصدار بالوفاء بلا تردد، بمطالبات التجار إذا استوفت المتطلبات الشكلية. ثم إن البنوك التي تصدر البطاقات متضامنة جميعا في كل أنحاء العالم في جمعية واحدة للوفاء بحقوق التجار. ولذلك لا نسمع بحالات عجز فيها البنك عن الدفع فاضطر التاجر إلى مطالبة الأصيل (حامل البطاقة) لكي ينكشف لنا أن ذمته لازالت مشغولة بذلك الدين، ذلك لم يقع، ليس لأن الذمتين ليستا مشغولتين بل لأن البنوك لا تمتنع عن الدفع.
كما أن ذوي الخبرة وأهل الاختصاص في أمور البطاقات لم ينفوا حق التجار في ذلك، وقد ذكرنا آنفا أن نصوص العقود لا يعول عليها في الوصول إلى نتيجة في هذه المسألة.