للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجلي أن مسألتنا تختلف عن وصف الحوالة المذكور وشروطها الأربعة المذكورة لا تتحقق في العلاقة بين البنك وطرفي البطاقة الآخرين وهما حاملها والتاجر الذي يقبلها، وبخاصة في البطاقة غير المغطاة التي سيأتي بيانها إذ لا دين لحاملها على مصدرها. جاء في شرح الخرشي علي خليل عن الحوالة: (ومن شروطها ثبوت دين للمحيل في ذمة المحال عليه وإلا كانت حمالة عند الجمهور قاله الباجي ولو وقعت بلفظ الحوالة) (١) ولا تتحقق الحوالة حتى في البطاقة المغطاة ذلك أن التزام مصدرها لايتوقف على مقدار ما في الحساب من أموال حاملها كما أسلفنا.

ثالثا: وحتى لو صح قولهم بانتقال الحق من ذمة حامل البطاقة إلى ذمة مصدرها فلا يسلم أنها لا تكون كفالة، إذ يبقى للقول أنها من الضمان وجه. ذلك أن من الفقهاء من قال بانتقال الحق حتى في الكفالة. نقل صاحب المغني: (وقال أبو ثور: الكفالة والحوالة سواء وكلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود) (٢) وهي رواية عن أحمد، قال في المقنع: وذمة المضمون لا تبرأ قبل القضاء في أصح الروايتين وهو المذهب وعليه الأصحاب، والرواية الثانية يبرأ بمجرد الضمان نص عليه (٣) وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب البيوع والأقضية (باب من قال الكفالة والحوالة سواء) ذلك عن الحسن وابن سيرين ونقل ابن جرير الطبري في اختلاف الفقهاء (الكفالة والضمان والحوالة معنى واحد وفي ضمان الضامن للمضمون له ما على غريمه وقبول الضمان منه براءة المضمون عنه من المال ووجوبه على الضامن) (٤) وقال ابن المنذر في الإشراف: (وكان أبو ثور يقول: الكفالة والحوالة سواء ولا يجوز أن يكون مال واحد على اثنين، وبه قال ابن أبي ليلى) (٥) . وحجة من قال بمثل هذا القول ما روى أبو سعيد الخدري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما وضعت قال هل على صاحبكم من دين؟ قالوا: نعم درهمان، فقال: ((صلوا على صاحبكم)) قال علي: هما علي يا رسول الله وأنا لها ضامن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم أقبل على علي فقال: ((جزاك الله خيرا عن الإسلام وفك رهانك كما فككت رهان أخيك، فقيل يا رسول الله هذا لعلي خاصة أم للناس عامة؟ فقال: للناس عامة)) ..فدل على أن المضمون عنه برئ بالضمان.


(١) شرح الخرشي علي خليل: (٦/١٧) .
(٢) المغني لابن قدامة: (٧/٨٤) .
(٣) المقنع: (٢/١١٢) ؛ والإنصاف: (٥/١٩٠) .
(٤) مصنف ابن أبي شيبة؛ ص١٦٨.
(٥) الإشراف لابن المنذر: (٢/٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>