فكأن لسان حال حامل البطاقة في مسألتنا يقول لمصدرها (اشترط ما شئت، فليس للدائن على المدين إلا ما يثبت في ذمته) . لكن هذا الامتناع لا أثر له إذا لم يكن في البلد محاكم تقضي بحكم الشرع، فيكون قبول حامل البطاقة بصيغة القرض التي تضمن شرط الزيادة مبني على ثقته إلى أن هذا الشرط ساقط لا أثر له ضمن النظام العام الذي يحكم بفساده.
فإذا لم توجد مثل هذه المحاكم وكان النظام العام في البلد يقبل الفوائد المصرفية وكانت المحاكم تحكم بها، كان إسقاط المشروط عليه (وهو حامل البطاقة) هذا الشرط بإرادته المنفردة وقد دخل في العقد راضيا به قابلا بالشرط فيه، طريقا إلى المنازعة بينهما، فدخل الفساد إلى هذا العقد من باب آخر وهو:
أن كل عقد يفضي إلى المنازعة فهو مظنة الفساد.
٢- أن المسقط لهذا الشرط من حملة البطاقات، لا يمكنه أن يفعل ذلك إلا بالحرص على دفع ما عليه من دين إلى المصدر (الكفيل) بمجرد المطالبة حتى لا تترتب عليه الفوائد، فهو في واقع الأمر لا يسقط الشرط وإنما يتفادى الوقوع تحت طائلة الفوائد التي تفرض عليه إذا لم يبادر بدفع ما عليه حال المطالبة، فإذا فعل ذلك انقلبت البطاقة إلى النوع الأول وهو (البطاقة غير المغطاة مع فترة سماح) ، فكان الأولى به أن يحصل على تلك البطاقة فيخرج من الإشكال. ولذلك قلنا إن مثل هذا الإسقاط لا معنى له من الناحية العملية.
أما إن كان ينوي بإسقاطه الشرط من جانب واحد أن لا يلتزم بتسديد ما عليه عند المطالبة بل يتمتع بالتأجيل المشترط فيه دفع الفوائد ثم يمتنع عن دفعها، فمثل هذا لا يصلح من ناحيتين؛ الأولى: أنه نوع من المطل الذي نهى عنه. فقد ورد في الحديث ((مطل الغني ظلم)) وعنه صلى الله عليه وسلم: ((ليُّ الواجد يبيح عرضه وعقوبته)) .
فليس له أن يفعل ذلك، والثانية: أنه يعلم أن مصدرها لا يقبل مثل ذلك، ولو علم بنية حاملها لم يصدرها له. من هذا يتضح أن إسقاط هذا الشرط من جانب حامل البطاقة منفردا لا فائدة منه من الناحية العملية.