والذي يظهر لنا رجحانه: أن الصلح عقد مستقبل بذاته له أحكامه الخاصة وشروطه، وأنه لا يضير استقلاله تطبيق بعض أحكام البيع، أو الإجارة، أو الهبة عليه؛ وذلك لأن الفقهاء القائلين بتبعية الصلح لبعض العقود اعترفوا بأن الصلح يخالف تلك العقود في بعض الأحكام، وأن بينهما فروقًا كثيرة تكفي للحكم على الصلح بالاستقلال، فقد قال الرافعي، والنووي – بعدما ذكرا أن صلح المعاوضة بيع -: " الصلح يخالف البيع في صور:
إحداها: إذا صالح صلح الحطيطة بلفظ الصلح فإنه يصح على الأصح، ولو كان بلفظ البيع لم يصح قطعًا.
الثانية: لو قال من غير سبق خصومة: بعني دارك بكذا فباع، صح، ولو قال والحالة هذه: صالحني عن دارك هذه بألف، لم يصح على الأصح؛ لأن لفظ الصلح لا يطلق إلا إذا سبقت خصومة.
الثالثة: لو صالح عن القصاص صح، ولا مدخل للفظ البيع فيه.
الرابعة: قال صاحب التلخيص: ولو صالحنا أهل الحرب من أموالهم على شيء نأخذه منهم جاز، ولا يقوم مقامه البيع.
الخامسة: قال صاحب التلخيص: ولو صالح من أرش الموضحة على شيء معلوم جاز إذا عُلِم قدر أرشها ولو باع لم يجز، وخالفه الجمهور في افتراق اللفظين" (١) .