يفهم من هذه الأحاديث أنه قد يصبح الصلح واجبًا إذا كان هو السبيل لقطع المخاصمة والنزاع، فيفهم من حديث كعب السابق وجوب القبول بالصلح عندما تقتضيه الدواعي، حيث أشار الرسول صلى الله عليه وسلم بيده أن ضع الشطر، وفهم كعب ذلك ففعل، ولم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، بل قال:((قم فاقضه)) . وكذلك حديث عمرة فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع الشطر صلحًا وليس قضاء؛ لأن القضاء له ميزانه الخاص، والأمر حقيقة في الوجوب، وحينئذ يكون الصلح واجبًا عندما يكون هناك نزاع، ويمكن أن يؤدي إلى الإضرار بأحد الطرفين أو بكليهما، ولكنه يرد على هذا السؤال وهو: هل وجوب الصلح كان بسبب أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الخاص؟ أم أن ذلك وارد على كل حالة تتوافر فيها الدواعي التي كانت موجودة في حالة كعب وغيره؟
والذي يظهر لنا رجحانه هو الثاني؛ لأن الأصل في أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم التشريع وليس الخصوصية.