وفي بحث حالة غلاء ورخص الفلوس اختلف الفقهاء فيما يلزم المدين أداؤه في حالة الغلاء أو الرخص على ثلاثة أقوال:
" القول الأول لأبي حنيفة والمالكية في المشهور عندهم والشافعية والحنابلة، وهو أن الواجب على المدين أداؤه هو نفس النقد المحدد في العقد والثابت دينًا في الذمة دون زيادة أو نقصان، وليس للدائن سواه " ويلاحظ أن هذا الرأي يمكن أن يتعرض للنقد الشديد إذا افترضنا أن حالة الغلاء والرخص كانت حادة واستمرت، فالنقود المعدنية الرخيصة لها ثمنية بالاصطلاح، وهذه الثمنية تتحدد بالنسبة للمعدن النفيس، فهي ليست ذات قيمة ذاتية. ومن ثم فإن الغلاء أو الرخص يعبث عبثًا شديدًا بقيمة الدين، أو بالالتزام الآجل كلما احتد وكلما طال الآجل.
"والقول الثاني لأبي يوسف – وعليه الفتوى عند الحنفية – وهو أنه يجب على المدين أن يؤدي قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص يوم ثبوته في الذمة من نقد رائج، ففي البيع تجب القيمة يوم العقد، وفي القرض يوم القبض" ويلاحظ أن هذا القول يراعي الاعتبارات الواقعية التي ذكرناها في التعقيب على القول الأول. وقد كان أبو يوسف يأخذ بالقول الأول ثم عدل عنه للقول الثاني، وهذا هو أصل مبدأ التعويض في الفقه الإسلامي.
" والقول الثالث وجه عند المالكية، وهو أن التغير في قيمة النقد إذا كان فاحشًا، فيجب أداء قيمة النقد الذي طرأ عليه الغلاء أو الرخص، أما إذا لم يكن فاحشًا فالمثل"(١) .
(١) العبارات بين القوسين – من مقالة د. نزيه حماد، تغيرات النقود والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي، قدمت في مؤتمر الربط القياسي للحقوق والالتزامات Indexation مايو (١٩٨٧م) ، جدة تحت رعاية البنك الإسلامي للتنمية.