ودون دخول في تفاصيل فإن بلدان العالم تخلصت من نظام الذهب نهائيًا في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات، كما أن العديد من البلدان التي احتفظت باحتياطيات كبيرة من الذهب بدأت تتخلص منه بالبيع في السنتين الأخيرتين من هذا القرن.
هذه التطورات السابقة جميعًا التي انتهت بتأكيد حقيقة النقود الورقية كنقود اصطلاحية إلزامية مستقلة شكلًا وموضوعًا عن الذهب؛ لم تخص بلدًا أو مجموعة من البلدان، بل عمت العالم أجمع.
وبعد أن انتشر التعامل بالنقود الورقية في البلدان الإسلامية اختلفت نظرة الفقهاء المحدثين إلى هذه النقود وأحكامها، ومن ثم معالجتهم للتدهور في قيمتها الحقيقية. فهل تأخذ النقود الورقية أحكام نقود الذهب والفضة؟ أم هل يطبق عليها كنقود اصطلاحية ما كان يطبق على الفلوس من قبل الفقهاء السابقين؟
ولقد توصل نزيه حماد في دراسة عن تغيرات النقود والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي إلى أن النقود الورقية لا تقوم مقام النقدين الذهب والفضة في حالة تغير الأسعار، فهي نقود اصطلاحية، فتتعرض قيمتها بسبب قيمتها بسبب ذلك للتغير بالنقص أو بالزيادة. وهذا مما له أثره على جميع الحقوق الآجلة المتعلقة بالذمة من قرض أو مهر أوبيع أو إجارة أوغيرها، فيؤدي إلى غبن إما للدائن (في حالة نقص قيمة النقد) أو للمدين (في حالة زيادة قيمة النقد، ويصبح هذا الغبن فاحشًا كلما تغيرت الأسعار تغيرًا كبيرًا وغير عادي (١) .
(١) نزيه حماد، المرجع السابق ذكره (في الملاحظة رقم ١)