خامسًا – بالنسبة للاحتياطيات التي يجب اتخاذها من أجل عدم إساءة استخدام مبدأ التعويض، يأتي أولًا ضرورة إعلام الناس عمومًا وتنبيههم إلى أن الحكومة وحدها هي المسئولة شرعًا عن تنظيم تطبيق مبدأ التعويض في الواقع العملي، وأنه ليس لأحد ممن يعلمون في النشاط الإنتاجي أو المصرفي أو من عامة الناس أن يخرج عن القواعد أو الأطر التي تقوم الحكومة بوضعها في هذا المجال، فلا يحق لأحد من الناس أن يطلب لنفسه تعويضًا عن القيمة الحقيقية لدينه أو لقرض حسن أقرضه بالطريقة التي يظن أنها مناسبة له، حيث إن هذا باب واسع يمكن أن يدخل منه الربا والغرر بلا حدود. وتأتي أهمية هذا الإعلام الشرعي في الظروف التي يمر بها الناس في البلدان التي تعاني من ظاهرة التضخم وآثارها بالنسبة للقيمة الحقيقية للنقود. فقد أزمنت المشكلة وافتقد عامة الناس وخاصتهم الحل الإسلامي ما بين مناقشات فقهية واقتصادية طويلة ومعقدة، وما بين اعتراض وموافقة، فصاروا يستمعون لمن يعرف ومن لا يعرف في أمور اقتصادية تدخل في صميم الحلال والحرام،وصار الكثير منهم يتصرف تبعًا لما يراه محققًا لمصلحته.
ومع هذا لا يجب شرعًا حرمان الأفراد من التقدم إلى القضاء طلبًا لتعويض يراه الأفراد مناسبًا في ظروف تدهور القيمة الحقيقية عندما تقصر القواعد الشرعية والاقتصادية التي وضعتها الحكومة عن الوفاء بهذا التعويض. فحق التقاضي مكفول للجميع في مواجهة أي قواعد أو تنظيمات جديدة يضعها ولي الأمر، وقد تؤدي مطالبات الأفراد إلى تعديلات هامة في القواعد أو التنظيمات تقود إلى تحقيق العدالة بصورة أفضل.