سابعًا – هناك مسألتان يجب أخذهما في الاعتبار حتى لايؤدي التعويض إلى إخلال بالنواحي الشرعية أو الاقتصادية. المسألة الأولى بالنسبة للتوقيت الزمني للتعويض، فلا يجب إطلاقًا أن يقوم التعويض على أساس ما نتوقع حدوثه من ارتفاع في المستوى العام للأسعار، ومن ثم تدهور في القيمة الحقيقية للنقود؛ ذلك لأن ما نتوقع حدوثه مهما كانت دقة التوقعات قد لا يتحقق إلا جزئيًا، وقد لا يتحقق على الإطلاق، أو قد يتحقق شيء مخالف له، وفي كل هذه الأحوال سينطوي التعويض على غرر أو ربا وكلاهما مرفوض. وعلى ذلك فإن التعويض لا يجب أن يتم إلا في ظروف قد وقعت وعرفت تفاصيلها، والتحليل الاقتصادي من جانب آخر يؤكد أهمية هذه المسألة؛ لأن إقرار التعويض مسبقًا يؤدي مباشرة إلى زيادة المطالبات النقدية من قبل أصحاب الحقوق على أصحاب الالتزامات الذين تتكون نسبة كبيرة منهم في الاقتصاديات المعاصرة من أصحاب الأعمال، فيسارع هؤلاء برفع أسعار بضائعهم أو خدماتهم، فيترفع المستوى العام للأسعار بمعدلات أكبر مما كان يمكن أن يحدث في غير هذه الظروف. ولذلك فإن القاعدة العامة الذي يجب الالتزام بها هو أن لا يتم تعويضٌ قبلَ أن يتحقق تضخم بالفعل. والمسألة الثانية مكملة للمسألة الأولى، وهي أن بعض أنواع التضخم قد يكون أقل حدة من بعضها الآخر، كما قد يكون ممكنًا علاجه في مدى سنة أو سنتين، وهنا قد لا يصرح بالتعويض؛ لأن هذا في حد ذاته قد يؤدي إلى زيادة حدة التضخم أو إطالة أمده. والسبب في هذا مرة أخرى ما سبق أن ذكرناه من العلاقة الاقتصادية بين زيادة المطالبات النقدية بسبب التعويض وارتفاع الأسعار، وقد يكون في عدم التصريح بالتعويض في هذه الحالة ضرر للبعض، ولكن المصلحة العامة للمجتمع لها الأولية، والحكومة هي المسئولة عن الحفاظ على المصلحة العامة، ومرة أخرى فإنه إن وقع على البعض ضرر بالغ بسبب عدم التصريح بالتعويض، فإن بإمكانه رفع الأمر للقضاء كحالة خاصة.