للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعترض صاحب الجواهر على هذا بأنه مخالف للإجماع، ويفسره بأنه لا يراد به المثل العرفي، بل هو شيء فوق ذلك وهو المماثلة في غالب ماله مدخلية في مالية الشيء، ويضيف: " وهذا لا يمكن إلا في الأشياء المتساوية المتقاربة في الصفات والمنافع والمعلوم ظاهرها وباطنها ". وبعد أن ينقل التعاريف الأخرى يقول: " وبالجملة فالمراد من التعاريف واحد، وهو التساوي الذاتي في غالب ماله مدخلية في الرغبة والقيمة " (١) .

ويضيف: " على أنه يمكن أن يقال بل قيل: إن الظاهر من الآية (٢) رخصة المالك بأخذ المثل بالمماثلة العامة؛ إرفاقًا بالمالك، فلا يجوز للغاصب التجاوز عنه مع تقاضيه ذلك، لا أنه لا يجوز للمالك مطالبة الغاصب بالقيمة، فإن الظاهر أن التالف في حكم المثمن، والعوض في حكم الثمن، والتخيير بيد البائع في التعيين، فيجوز للمالك مطالبته بالقيمة ولا يرضى إلا بذلك في عوض ماله، ولا يمكن التمسك بأصالة براءة الغاصب عن لزوم القيمة لاستصحاب شغل الذمة الموقوف براءتها بأداء حق المالك وإرضائه لكونه مطلوبًا.

بل ربما يقال: " إن النقدين هما الأصل في الأعواض في الغرامات وغيرها، كما يشعر به بعض النصوص التي تقدمت في كتاب الزكاة (٢) (٣) " (٤) .

وهكذا يتأكد ما قلناه من أن حقيقة الأوراق النقدية في وضعها الحالي قيمية (عند اختلاف القيم) بلا ريب ليس من الممكن قياسها إلى النقدين، باعتبار عدم تغيير السعر إلا بشكل متفاوت متسامح به عرفًا، كما لا تقاس حتى إلى (الفلوس النافقة) (كما فعل البعض) (٥) لوجود قيم ذاتية ضئيلة وللتسامح العرفي فيها باعتبار أنها كانت تستعمل في الأشياء الحقيرة، وعدم تصور الكبير فيها، اللهم إلا إذا كان التغيير في سعر الأوراق المالية أيضًا طفيفا متسامحًا به عرفًا.

وعلى هذا يمكن القول بأن رد القيمة له محله الخاص من الاعتبار.

ولا معنى للاستناد للإجماع في رد المثل؛ لأنه غير متحقق أولًا، ولأنه إجماع مدركي حتى لو تحققنا منه، ولا قيمة للإجماع المدركي لدى الإمامية.


(١) جواهر الكلام: ٣٧ / ٩١.
(٢) قوله تعالى في سورة البقرة، الآية ١٩٤: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} .
(٣) يرى المعلق بأنه ربما أراد قوله عليه السلام في موثق إسحاق بن إبراهيم: لأن عين المال الدراهم، وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة والديات.
(٤) جواهر الكلام: ٣٧ / ٩٣.
(٥) راجع مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد (٣) ، الجزء (٣) ، ص ١٦٩٧ المتضمن لرأي الشيخ العثماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>