للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا – الإلزام الانتقائي من الدولة:

ومعناه قيام الدولة ممثلة في بعض أجهزتها المختصة بإلزام قطاعات، مثل الأجور والرواتب التقاعدية، بتغيير مقدار التزاماتها المالية بنسبة معينة، أو ربطها – أي الالتزامات – بمؤشر معين، مثل سلة السلع، أو العملات، أو عملة معينة ... إلخ، وهذا الإلزام من الدولة إن حصل فإنه يختلف حال إلى حال:

١- فإن حصل في مجال الأجور والرواتب، وبخاصة التي تكون عقودها طويلة الأجل، فقد يتجه القول بالجواز استنادًا إلى مبدأ استحقاق أجرة المثل، ومبدأ التسعير عند الحاجة، والذي هو من حق ولي الأمير تحقيقًا للمصلحة.

وأجرة المثل تجب عند جمهور الفقهاء في الإجارة الفاسدة، سواء أكانت الأجرة مجهولة أم معلومة (١) ؛ لأن المستأجر إذا استوفى المنافع فقد ثبت للعامل ما يقابل ذلك من الأجر عملًا بقاعدة: الغنم بالغرم، والعامل لم يرض ببذل منافع نفسه إلا بعوض، فلابد أن يكون هذا العوض متحققًا يكافئ المنفعة التي استوفاها رب العمل.

ومثال الإجارة الفاسدة مع جهالة الأجرة، ما لو استأجره على عمل وشرط له أن يعطيه ما يرضيه.

ومثال الإجارة الفاسدة مع معلومية الأجرة، ما لو استأجره على سلخ شاة، وجعل أجرته جلدها، فالإجارة هنان فاسدة؛ لأنه لا يعلم هل يخرج الجلد سليمًا أولًا؟ وهل هو ثخين، أو رقيق (٢) .


(١) يرى الإمام أبو حنيفة وصاحباه أنه لا يزاد على المسمى فيما إذا كانت الأجرة معلومة في الإجارة الفاسدة؛ لأن الإجارة الفاسدة ملحقة بالصحيحة من حيث إنه لا تقوم فيها المنافع إلا بعقد أو شبهة عقد، فلا يجب إلا المسمى تشبيهًا لها بالصحيحة؛ ولأن العاقدين رضيا بالمسمى فسقط حقهما في الزيادة، انظر: د. شرف، الإجارة الواردة على عمل الإنسان، ص ٣٢٩.
(٢) ابن قدامة، الشرح الكبير: ١٤ / ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>