للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أن يستدل لجواز الإلزام الانتقائي بجواز التسعير لولي الأمر عند الحاجة، تحقيقًا لمصلحة الحفاظ على أموال الناس.

والتسعير في اللغة مأخوذ من سعرت النار تسعيرًا إذا أوقدتها حتى جعلت له لهبًا عاليًا، ومنه سعرت الشيء تسعيرًا: جعلت له سعرًا ينتهي إليه؛ لأن السعر ارتفاع لقيمة السلعة (١) .

وفي الاصطلاح: تدخل ولي الأمر لتقدير سعر سلعة أو خدمة، بما يحقق المصلحة الشرعية (٢) .

والأصل في جواز التسعير لولي الأمر أنه مأمور بحماية مصالح الناس، بما أعطاه الله سبحانه وتعالى من سلطان الطاعة في قوله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] .

وبناء عليه فإنه إذا أمر بشيء أو نهى عن شيء مراعاة للمصلحة؛ وجبت طاعته بالمعروف، أما إن كانت في غير المعروف فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لقوله عليه السلام: (( ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) )) (٣) .

وقد قعد العلماء أن تصرف الإمام على بالرعية منوط بالمصلحة (٤) . وبناء عليه فإنه يجوز لولي الأمر أن يتدخل بالإلزام في بعض الصور كالإجارة ونحوها؛ تحقيقًا للمصلحة التي أُلزم بمراعاتها.


(١) الفيومي، المصباح المنير: ١ / ٣٢٧، ٣٢٨؛ الفيروزآبادي، القاموس المحيط، فصل السين، باب الراء: ٢ / ٤٩.
(٢) عيشة صديق نجوم، التسعير، رسالة مقدمة لجامعة أم القرى، ص ٢٠، ٢١.
(٣) مختصر مسلم للمنذري، كتاب الإمارة، باب: إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، ص ٣٣٢.
(٤) العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ص ٥١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>