للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عرفة: وفي كون الفلوس ربوية كالعين ثالثُ الروايات يكره فيها، وفي السلم الأول والصفر النحاس عرض ما لم تضرب فلوسًا، فإذا ضربت فلوسًا جرت مجرى الذهب والورق فيما يحل ويحرم، وفي الإرشاد ما نصه: والنصوص كراهة التفاضل والنساء في الفلوس. وقال في باب الزكاة: لا تزكى إلا في الإدارة كالعرض.اهـ. فالخلاف فيها قوي جدًا. اهـ.

وبالجملة فنصوص المالكية ظاهرة في أن التماثل بوجوب الزكاة في الفلوس إنما يقول به تشبيهًا لها بالعين، وأن التعامل بها ناقل لها عن أصلها، ويرى أن تشبيهها بالعين في باب الزكاة التي هي من قبيل المواساة والبر بالفقراء، بل هي أدخل منها في باب المعروف، أولى من تشبيهها بها في باب آخر ومالك رضي الله عنه شبهها فيما يشدد فيه كالصرف والبيع بالعين، وفيما يحل كالزكاة بالعرض، فلا تزكى لأنها ليست من أحد النقدين، ولا من أحد الأصناف الداخلة في عموم قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] . ونحو "أدوا زكاة أموالكم"، فإنه مخصص في الأثمان عنده بالذهب والفضة، كما يؤخذ من الأحاديث الواردة في ذلك، واسم المال قد يختلف معناه باختلاف موارده.

قال ابن الأثير: المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم، فاسم المال ليس نصًا في الشمول، والسنة مبينة للتنزيل، وقد بيّن صلى الله عليه وسلم مجمل القرآن في الزكاة وغيرها، وحصر عمومه المراد به الخصوص، كما أمر الله تعالى به قولاً وعملاً، فبين ما تؤخذ الزكاة من الأموال، وممن تؤخذ من الناس، وكم يؤخذ منها، ومتى تؤخذ من الناس، وكم يؤخذ ومتى تؤخذ. كما ذكره ابن رشد في مقدماته.

وبعد أن ساق أحاديث البيان في ذلك قال: فالزكاة لا تجب إلا في ثلاثة أشياء: في الحرث، والعين، والماشية. والعين هي الذهب والفضة. والماشية الابل والبقر والغنم. والحرث ما يخرج من الأرض من الحبوب والثمار والكروم؛ لأن السنة قد خصصت ماعدا هذه الثلاثة أشياء من عموم قول الله عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] . وخصص من هذه الثلاثة الأشياء بعضها على ما تقدم.اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>