للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بعدم زكاة الفلوس على مشهور مذهب مالك أنها لا تزكي زكاة النقود، أي لا يزكيها المالك باعتبار ذاتها، ولا باعتبار قيمتها، وهذا لا ينافي أنها إذا اتخذت للتجارة والنماء فإنها تزكي زكاة العروض كما تقدم؛ لأنها عروض تجارة مسكوكة، وسيأتي أن عرض التجارة عند المالكية إذا كان فلوسًا يزكى مطلقًا، سك أو لم يسك، متى توفرت شروطه، وليس ضربها والتعامل بها واتخاذها أثمانًا رائجة بمنزلة نية التجارة في السلع؛ لأنها لما لم تكن عندهم للتجارة والنماء خلقة فلا تصير بها إلا بقصد التجارة فعلاً؛ إلحاقًا لها بأصلها وهو العروض التي ليست أثمانًا.

وظاهر فرع الشرنبلالية وغيرها من كتب الحنفية، حيث سووا في الحكم بين كونها أثمانًا رائجة وبين كونها سلعًا للتجارة، أن ضربها والتعامل بها بمنزلة نية التجارة، وقد نص الحنفية على وجوب ضم قيمة العروض إلى الذهب والفضة حتى يتم النصاب. ووجهوه بأن الوجوب في الكل باعتبار التجارة وإن افترقت جهة الإعداد، ففي العروض من جهة العباد بالصنع الذي هو بمنزلة الخلقة لها. وفي النقدين من جهة الله تعالى بخلق الذهب والفضة للتجارة، والافتراق في الجهة لا يكون مانعًا من الضم بعد حصول ما هو الأصل وهو للنماء، وقد علمت مشهور مذهب مالك وأنها لا تصير للتجارة، بحيث تزكى زكاة عروضها إلا بنية التجارة وقصدها فعلاً، والإعداد بغير نية التجارة لا يعتبر في وجوب الزكاة، إلا إذا كان خلقيًا بإعداد الله تعالى كما في الذهب والفضة. قال في المدونة: ومن حال الحول على فلوس عنده قيمتها مائتا درهم فلا زكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>