للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

مسالك تخريج زكاة الأوراق المالية العرفية عند الجمهور

المسلك الأول

تخريج زكاة الأوراق المالية على زكاة الدين: المعروف عند الفقهاء المنظور إليه في زكاة هذه الأوراق هو قيمة الديون المشغولة بها ذمة البنك المتوثق منها بالمال المخزون الذي به تتحقق ملاءة البنك، فإذا اعتبرت قيمة الأموال الواصلة إلى البنك وإلى من عليه ديون من المتعاملين بهذه الأوراق، كدين واحد في ذمة شخص معين، فتخرج زكاتها على زكاة الدين، وحكم زكاة الدين في مشهور مذهب مالك رضي الله عنه أنه إذا كان لأحد على آخر دين لا يزكيه مادام غائبًا عنه تحت يد الغريم وفي ذمته، فإن قبضه منه زكاه لسنة فقط، وإن أقام عند المدين أعوامًا، بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون الدين عينًا ذهبًا أو فضة من قرض أو ثمن عروض بغير مدير.

الثاني: أن يقبضه عينًا ذهبًا أو فضة، فإن قبضه عرضًا فلا زكاة عليه حتى يبيعه (١) .

الثالث: أن يقبض نصابًا كاملاً ولو في مرات، أو يقبض بعض نصاب وعنده ما يكمل النصاب.

أما التاجر المدير وهو الذي يبيع بالسعر الواقع كيف كان ويخلف ما باعه بغيره، فإذا نض له من سلعة ولو درهمًا واحدًا، فإنه يقوم كل عام السلعة التي للتجارة ويضم لها ما عنده من العين وما له من عدد الدين المعد للنماء، إذا كان نقدًا حالاً مرجو الخلاص، ومنه مبلغ ما عنده من الأوراق المالية، ويزكي الجميع دفعة واحدة كل سنة، ويعتبر هذا الدين كأنه نقد محصل بخزانته، أما إذا كان الدين الذي له ليس معدًا للنماء كدين القرض، فلا يضم في التقويم لسلعة، بل يزكيه لسنة واحدة بعد قبضه، وإن كان عرضًا أو مؤجلاً مرجوًا فيها فلا يزكي عدده، بل يقومه على نفسه قيمة عدل، ويزكي القيمة مع ما عنده كل سنة؛ لأن المرجو في قوة المقبوض بالنسبة للمدير.

أما غير المرجو فلا يقومه بل يزكيه إن قبضه لعام واحد كالعين الضائعة والمغصوبة. وفي بداية المجتهد لابن رشد: واختلفوا في زكاة الدين، هل يزكيه كل عام أو لعام أو يستقبل به سنة من يوم قبضه؟ فمن قال: يستقبل بالدين حولا، لم يوجب فيه الزكاة، ومن قال الزكاة بعدد الأحوال، شبهه بالمال الحاضر.


(١) ينظر رسالة (التبيان في زكاة الأثمان) للشيخ مخلوف: ٢١-٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>