للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنظر في هذا الحل ومدى تحقيقيه للمقصود، وهو إعادة الحق لصاحبه بقيمته الحقيقية فإننا نلاحظ أنه لا يضمن تحقيق ذلك في كل الحالات، بل قد يعيد له نفس القيمة أو أكثر أو أقل، وذلك كله مرهون بمقدار تمشي أسعار هذه السلع لمربوط بها مع المستوى العام للأسعار، فهب أن الذهب ظل ثمنه ثابتًا أو السلعة أو العملة المربوط بها، بينما المستوى العام للأسعار قد ارتفع بشدة، فمعنى الربط هنا أن المبلغ قد عاد لصاحبه بنفس عدده الأول أو مقداره، مع أن قيمته الحقيقية قد هبطت كثيرًا، وهب أن الذهب تضاعف سعره مع ثبات المستوى العام للأسعار، معنى ذلك أن الربط سيجعل الدائن يحصل على ضعف القيمة الحقيقية لحقه وهكذا.إذن أين هي العدالة المنشودة؟ وفي ضوء ذلك لنا أن نتساءل عن مغزى الربط هنا. يمكن القول: إن المسألة في حقيقتها لم تخرج عن كونها تعاملًا بهذه الأشياء المربوط بها، لكن بطريقة ملتوية، وكان الأفضل أن لو تم التعامل رأسًا بهذه الأشياء التي يراها الدائن أكثر ثباتًا واستقرارًا في قيمتها، ولذلك لا تتعجب إن وصلنا إلى القول بأن الربط بمؤشر تكاليف المعيشة يحقق المقصود بدرجة أكبر من هذا الربط.

ومما تجدر الإشارة إليه – برغم وضوحه – أنه لو تم التعامل مبدئيًا بواحد من هذه الأشياء لما كنا إزاء ربط بأي نوع، ولما كان هناك أي اعترضا على ذلك، وخاصة من الناحية الشرعية، ولذلك فقد نادى بعض الفقهاء المعاصرين بأن الحل لهذه المشكلة التي نواجهها هو ترك التعامل الآجل بهذه العملة المعرضة للتقلبات العنيفة في قوتها الشرائية واللجوء إلى شيء آخر أكثر استقرارًا وثباتا، مثل الذهب أو عملة أجنبية لإجراء التعامل بها من البداية، وبالطبع فإن هذا الحل يواجه بقدر من العقبات من الناحية الاقتصادية والنظامية. ولو شاع هذا المسلك في مجتمع ما لأثر ذلك بقوة على العملة الوطنية وثقة الناس فيها. وربما زادها تدهورًا. ومن ثم فإنه إن ساغ سلوكه على المستوى الجزئي أو الفردي، فإن اتخاذه كمسلك عام محفوف بالمزيد من المخاطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>