للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربط بعملة حسابية:

القصد من هذا الربط نوع من الركون إلى مزيد من الاستقرار في قيمة الحقوق والالتزامات، وذلك بالالتجاء إلى ربطها بعملة حسابية، هي في الظاهر عملة واحدة ولكنها في الحقيقة عدة عملات بأوزان ونسب معينة، مثل الدينار الإسلامي والدينار العربي، ووحدة السحب الخاصة، فهب أن الحق تمثل في ألف جنيه وقد ربط ذلك بالدينار الإسلامي فكان مساويًا لمائة دينار، فعند السداد يدفع بالجنيهات ما يساوي مائة دينار بالغة ما بلغت، وفي رأيي أن هذا الحل أقل قبولًا من الحل السابق، حيث درجة الوضوح فيه أقل، وكذلك درجة الطواعية وتحكم المتعاقدين فيه، وإن تميز بنسبة أكبر من الاستقرار في القيمة الحقيقية.

الربط بمعدل نمو الناتج القومي:

من الحلول التي استخدمتها بعض الدول الإسلامية ربط الديون بمعدل، والناتج القومي، بحجة أن هذه السندات الحكومية قد أسهمت في هذا النمو من جهة، ولتعويض ما يحدث من تآكل قيم العملات من جهة أخرى. فإذا كان لفرد ما سندات بمبلغ مائة ألف جنيه، وقد بلغ معدل نمو الناتج القومي (٥ %) ، فمعنى ذلك أن يصبح لصاحب السندات مبلغ مائة وخمسة آلاف جنيه. وقد كلفت أمانة المجمع أحد الباحثين بدراسة هذا الأسلوب من الناحية الفقهية والناحية الاقتصادية، وقد توصلت الدراسة إلى عدم سلامة هذا الحل شرعًا واقتصادًا (١) ، وكل من اطلع على هذه الدراسة وافق على ما انتهت إليه.

وأعتقد أننا في ضوء ذلك لسنا في حاجة إلى عرض مفصل لهذا ولما عليه من ملاحظات، ويكفي الإشارة إلى أن معدل الناتج القومي قد يكون كله حقيقيًا، عندما لا يكون هناك تضخم، وعند ذلك فلم يأخذ صاحب السندات أكثر مما دفع؟ وقد يكون هذا المعدل صفرًا أو سالبًا، رغم ما قد يكون هنالك من تضخم، وعند ذلك لا يستحق صاحبه أي زيادة بل قد يخصم منه، بالرغم من تدهور قيمة دينه، وهكذا فإن هذا الربط لا يحقق المنشود من العدالة أو تكافؤ القيم، إضافة إلى ما فيه من جهالة وغرر وربا، وما يحدثه من آثار اقتصادية سلبية على مستوى التوزيع وعلى مستوى الإنتاج وعلى مستوى تخصيص الموارد.

ومن ثم فإن هذا الحل هو حل مرفوض فقهًا واقتصادًا.


(١) د. عبد الرحمن يسري، معدل نمو الناتج القومي، بحث مقدم لحلقة التضخم الثالثة، (١٩٩٧ م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>