للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنويه بأحكام الولاية الشرعية على الصغر وترتيبها وضوابطها، وصلاحيات الأولياء:

رعى الشرع الحنيف شؤون الصغير الشخصية والمالية، ضمانًا لتنشئة صالحة للأولاد في حياتهم، وحفاظًا على أموالهم، وقيامًا باستثمارها وتنميتها، كما يفعل الكبير الراشد في أحواله كلها، كما راعى الشرع ضعف الصغار، فلم يكلفهم بشيء من التكاليف الدينية كالصلاة والصيام وسائر العبادات، وفوض أمر إدارة استثمار أموالهم - مثل المجانين - إلى الوالي (الأب أو الجد أو الوصي أو القاضي) ، وجعل شأن التربية والحضانة إلى النساء رحمة بالصغار.

وأما الولاية: فهي لغة إما بمعنى المحبة والنصرة، كما في قوله الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: ٥٦] . وقوله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] . وإما بمعنى السلطة والقدرة، يقال: الوالي، أي صاحب السلطة.

واصطلاحًا: الولاية: هي القدرة على مباشرة التصرف من غير توقف على إجازة أحد. ويسمى متولي العقد: الولي، ومنه قوله تعالى: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] . والأولياء جمع ولي: وهو المتولي للأمر (١) . وعرفها الحنفية بأنها: تنفيذ القول على الغير، شاء أم أبى (٢) .

وهي بعبارة أخرى: تدبير الكبير الراشد شؤون القاصر الشخصية والمالية.

والقاصر: من لم يستكمل أهلية الأداء، سواء أكان فاقدًا لها كغير المميز، أم ناقصها كالمميز.

وسبب مشروعية الولاية على القاصرين والمجانين هو رعاية مصالحهم وحفظ حقوقهم الشخصية والمالية، بسبب عجزهم وضعفهم حتى لا تضيع وتهدر.

والولاية – كما قسمها الحنفية (٣) - ثلاثة أنواع: ولاية على النفس، وولاية على المال، وولاية على النفس والمال معًا.

١- الولاية على النفس: هي الإشراف على شؤون القاصر الشخصية، كالتزويج والتعليم والتأديب والتطبيب والتشغيل، وهي تثبت للأب والجد وسائر الأولياء.

٢- والولاية على المال: هي تدبير شؤون القاصر المالية، من استثمار وتصرف وحفظ وإنفاق، وتثبت للأب والجد ووصيهما ووصي القاضي.

٣- والولاية على النفس والمال معًا: تشمل الشؤون الشخصية والمالية، ولا تكون إلا للأب والجد فقط.


(١) أنيس الفقهاء، ص ٢٦٣.
(٢) الدر المختار: ٢ / ٤٠٦.
(٣) البدائع: ٢ / ٢٤١ – ٢٧٤؛ الدر المختار: ٢ / ٤٠٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>