للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم تصرفات الأب: ركز الفقهاء على بيان أحكام وتصرفات الأب؛ لأنه أول الأولياء المشرفين على رعاية أموال الصغار، وهذه الأحكام هي:

- إذا كان الأب مبذرًا فليس له ولاية على مال القاصر، وعليه تسليم المال إلى وصي يختاره.

- وأما إذا كان غير مبذر – وهو الشأن فيه – فله الولاية على مال القاصر، وله في رأي الحنفية والمالكية بيع مال القاصر والشراء له، سواء أكان المال منقولًا أم عقارًا، ما دام العقد بمثل الثمن، أو بغبن يسير، وهو ما يتغابن الناس فيه عادة؛ لأن للأب شفقة كاملة (١) . ولا ينفذ على القاصر البيع أو الشراء بغبن فاحش، وهو مالا يتغابن الناس فيه عادة، لكن المفتى به عند الحنفية أن الشراء ينفذ على الولي ذاته لإمكان نفاذه عليه، على عكس البيع فلا ينفذ؛ لأن فيه ضررًا ظاهرًا على المولى عليه.

وللأب أن يبيع مال نفسه لولده الصغير ونحوه، وأن يشتري مال ولده لنفسه بمثل الثمن أو بغبن يسير، ويتولى الأب شطري العقد (الإيجاب والقبول) وتكون عبارته قائمة مقام الإيجاب والقبول، استثناء من قاعدة: لزوم تعدد العاقد في العقود المالية؛ نظرًا لوفور شفقة الأب على ولده. قال الأستروشني: ولا يشترط الإيجاب والقبول في الصحيح، حتى لو قال: بعت هذا من ولدي، يتم العقد، ولا يحتاج إلى أن يقول: اشتريت، وكذلك على العكس. ويجوز هذا البيع من الأب بمثل القيمة، وبما يتغابن الناس فيه. وروي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز هذا العقد، إلا بمثل القيمة، ولا يتحمل فيه الغبن اليسير، لكن الرواية الأولى أصح (٢) .

وليس له أيضًا أن يقرض مال الصغير للغير، ولا أن يقترض لنفسه؛ لما في إقراضه من تعطيل استثمار المال (٣) . وله أن يستقرض لابنه الصغير، ويقره على الاستقراض.


(١) جامع أحكام الصغار: ١ / ٢٦٨ – ٢٦٩.
(٢) جامع أحكام الصغار: ١ / ١٤٦، ٢ / ١٩٦، ٢٠٨، ٢٧٢، ٢٧٨.
(٣) المرجع السابق: ١ / ٢٤٠، ٢٧٧، ٢٧٨، ٢ / ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>