للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز للأب في رأي أبي حنيفة ومحمد أن يرهن شيئًا من مال ولده في دَين نفسه، قياسًا على ماله من إيداع مال ولده، ولأنه لوفور شفقته أنزل منزلة شخصين، ولا يجوز هذا الرهن في رأي أبي يوسف وزفر؛ لأن في هذا الرهن تعطيلًا لمنفعة المال، إذ يبقى محبوسًا إلى سداد الدين (١) .

وذكر السرخسي: أنه لا يكون الأب غاصبًا فيما يأخذ من مال ولده الصغير، ولكنه إن كان محتاجًا إليه فله أن يأخذ بغير شيء ليصرفه إلى حاجته، وإن لم يكن محتاجًا إليه فله أن يأخذه ليحفظه، ولا يكون خائنًا في حقه حتى يستهلكه من غير حاجة، فحينئذ يضمن (٢) .

وللأب أن يسافر بمال الصغير والصغيرة، وله أن يدفعه مضاربة إلى غيره، وله أن يدفع بضاعة (٣) ، وله أن يوكله بالبيع والشراء والاستئجار، وله أن يودع، وله أن يأذن للصغير في التجارة وأن يوكله بالتعاقد فيها إن كان يعقل البيع والشراء، وله أن يجعل مال الصغير مضاربة عند نفسه، وينبغى أن يشهد على ذلك في الابتداء، ولو لم يشهد يحل له الربح فيما بينه وبين ربه، ولكن القاضي لا يصدقه. وكذا إذا شاركه ورأس ماله أقل من مال الصغير، فإن أشهد يكون الربح على ما شرط، وإن لم يشهد يحل له فيما بينه وبين الله تعالى، ولكن القاضي لا يصدقه، ويجعل الربح على قدر رأس مالهما. وكذلك هذا كله في الوصي، ولا تجوز كفالة الصبي سواء أذن له أبوه في الكفالة أو لم يأذن له؛ لأن هذا الإذن باطل؛ لأنه إذن بما هو تبرع، والتبرع غير داخل تحت ولاية الأب، فلا يملك الإذن (٤) .


(١) المرجع السابق: ١ / ٢٩٢، ٢ / ٥٧ وما بعدها.
(٢) جامع أحكام الصغير: ١ / ١٤٧.
(٣) الإبضاع: بأن يعطى إنسانا مالا ليشترى له بضاعة من بلد كذا من دون عوض.
(٤) المرجع السابق: ١ / ٧٠، ٧١، ٧٧، ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>