للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعتنى الفقهاء بأحكام الصغار في شتى الأبواب الفقهية من عبادات ومعاملات وغيرها وفي كتب أصول الفقه في بحث الأهلية وعوارضها، وفي كتب الأشباه والنظائر تحت عنوان الصغر أو أحكام الصبيان، بل إن الإمام الجليل محمد بن محمود بن الحسين الأستروشني الحنفي من فقهاء القرن السابع الهجري صنف كتابًا سماه "جامع أحكام الصغار".

وعني الفقهاء المسلمون أيضًا بالطفل منذ كونه جنينًا، فقرروا له حقوقًا أربعة هي: حقه في النسب، والميراث، والوصية، والوقف. بل امتدت العناية إلى ما قبل مرحلة الاجتنان (تكوين الجنين) وذلك في فترة الخطبة واختيار الزوجة أو المرأة الصالحة ذات الخلق والدين، قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو: (( ((الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)) )) .

وحفاظًا على حقوق الآخرين أوضح الفقهاء أن اعتداءات الصغير وجناياته وإتلافاته على غيره، توجب عليه الضمان من قبيل الحكم الوضعي لا الحكم التكليفي؛ لأنه لا يكلف بالتكاليف الشرعية إلا بعد البلوغ.

وتصح عبادات الصغير ترغيبًا له في أدائها إذا بلغ سن التمييز، وفي سن التمييز يجوز لوليه الإذن له بالتجارة لتدريبه على شؤون الحياة الاقتصادية والمعاملات المدنية، ويجوز توكيله في بعض التصرفات، كالإذن له بإدخال الضيف إلى المنزل، وله مباشرة التصرفات النافعة أو التي لا ضرر فيها كقبوله الهبة والصدقة. كما أن ممارسته أنواع الشراء لحاجياته المدرسية أو المطعومات والمشروبات ونحوها تكون نافذة إذا أجازها وليه، في مذهبي الحنفية والمالكية.

وحرصًا من الشرع على رعاية مصالح الصغار الشخصية من تزويج وتعليم وتطبيب وتشغيل ونحو ذلك، والمالية من تنمية أموالهم واستثمارها والمحافظة عليها؛ شرع الشرع حكم الولاية بنوعيها: الولاية على النفس، والولاية على المال، ولكل نوع أحكام وضوابط مقررة معروفة في الفقه الإسلامي، كما أن لكل ولي صلاحيات معينة لا يجوز له تجاوزها.

<<  <  ج: ص:  >  >>