للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقة المعجزة هي أنه على الرغم من أن الخلايا العصبية إذا تلفت لا تعوض، فإن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا بأكثر من ضعف ما نحتاج إليه من هذه الخلايا في الدماغ. وبالتالي فإن تلف مثل هذا العدد الذي ذكرناه على مدى عمر الإنسان، لا يؤثر على وظيفة وكفاءة الدماغ، بل إن الخلايا المتبقية يزيد نشاطها وحيويتها، وتزداد تفرعاتها مع تقدم السن حتى تحاول تعويض فقد هذا العدد من الخلايا.

وكلما استخدم المسن عقله وذهنه في اكتساب خبرات جديدة واستعادة وتنشيط الخبرات القديمة، زادت استجابة خلايا الدماغ الموجودة وعملت بأقصى طاقة ونشاط لها، وزادت تفرعاتها ودرجات تواصلها معًا في النهايات العصبية، وهذا ما يزيد سرعة رد فعل الشيخ المسن، وينشط ذاكرته وعقله (١) .

أما الذي يركن إلى الشيخوخة، فلا يحاول أن يعمل ذهنه، فإن آثار الشيخوخة تظهر عليه في وقت مبكر، فتشغيل المخ وممارسة الأعمال الذهنية والعقلية إلى جانب الرياضة البدنية المناسبة للمسن، هي من أهم الأسباب التي تحافظ على حيوية العقل وتحافظ على ذكاء الإنسان وذاكرته، ورغم وجود عوامل عدة تؤثر في الحالة البدنية للمسن، مثل ممارسته للرياضة والمشي، وعدم التدخين، وتنظيم الأكل، وإيمانه واطمئنانه النفسي، إلا أن المبدأ العام الذي يتحكم في مصير هذا الشيخ هو كيفية معاملته لنفسه ولجسده أثناء فترة الشباب. وقد قالوا في المثل: من جار على شبابه جارت عليه شيخوخته.

ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((اغتنم خمسًا قبل خمس)) (٢) ، ومنها: ((شبابك قبل هرمك)) .

وعلى الإنسان أن يتذكر دومًا أن هذا الجسد أمانة، وأن له حقًا على صاحبه يجب أن يؤديه له، فيحافظ عليه ولا يستخدمه فيما حرم الله، ولا يجور عليه بأساليب الحياة المدمرة مثل الإدمان والتدخين، والزنا والخمر واللواط، ويتجنب أساليب الحياة الضالة التي يدفع الإنسان ثمنها في كبره قبل آخرته.


(١) شباب بلا شيخوخة، د. عبد الهادي مصباح.
(٢) رواه الحاكم، صحيح الجامع الصغير، ص ١٠٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>