وقد كانت بالخصوص في القرن الماضي مركزًا هامًّا من مراكز اليقظة العربية الحديثة. وظهر فيها عدد من الرجالات الذين ساهموا في النهضة العربية الفكرية والسياسية. والآن
وقد احتد الصراع حولها، واحتلها الغاصب معلنًا أن الأراضي الفلسطينية أراض محررة، وأنها جزء لا يتجزأ من إسرائيل، وطغت النزعة الاستعمارية
العنصرية فيها على القوانين والمواثيق الدولية، وعلى قبول التفاهم واعتماد الحوار والمفاوضات السلمية لحل المشاكل مهما كانت معقدة. فلا بد أن يعيد هذا الواقع المخيف إلى
أذهاننا خطاب السيد عبد الله صلاح وزير خارجية الأردن الأسبق في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين يقول: "إن عملية تغيير معالم القدس وتفكيك
أوصالها قائمة بشكل مستمر حتى كادت لا تعرف. ويجري تطويق المدينة من جميع الجهات بأبنية من الأسمنت البشعة، مخالفين بذلك أبسط القواعد التي تنظم أوضاع المدن القديمة
ذات الطابع التاريخي. ويجري ابتلاع المدينة المحتلة بشكل قاس ومحكم من قبل الدولة الإسرائيلية. وإن سكانها العرب الذين عاشوا فيها قرونًا عديدة يجري إغراقهم بسيل من
الإسرائيليين المستوردين، قاضين بذلك على الطابع السكاني والثقافي والحضاري والقومي لهذه المدينة. ومن خلال التشريعات والتنظيمات الإدارية ونقل السكان وأعمال العنف
والإرهاب تقوم السلطات الإسرائيلية بتخطيط مدروس للإجهاز على المدينة العربية المحتلة".
وتأكيدًا لهذا الوضع الشاذ، والتمكين للخطة الاستعمارية في القدس، قرر الكنيست في ١١ /١٢/ ٤٩إعلان مدينة القدس
عاصمة لإسرائيل، تمشيًّا مع سياسة الأمر الواقع، وتحديًّا للمجتمع الدولي، وعمل على تهجير السكان العرب منها من قبل (٤٨) ، وأصدر قوانين خطيرة
أخرى منها قانون أموال الغائبين ٢١ / ٣ / ١٩٥٠م، ومنع اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة إلى ديارهم، متحديًّا بذلك قرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة رقم (١٩٤)
الصادر بتاريخ ١١ / ١٢ / ١٩٤٨م، الذي يعطي لهؤلاء اللاجئين حق العودة لمن يريد ويمنح تعويضات لمن لا يريد العودة.