للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصادر أيديولوجيا العدوان في الفكر الصهيوني:

اعتمد الفكر الصهيوني الحديث في تشكيله وفي إسباغ الشرعية اليهودية على نفسه، على ثلاثة ألوان من المصادر، تعبر عن ثلاث مراحل زمنية:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة المصادر الدينية التاريخية التي حرفها وكتبها الكهنة اليهود على مدى تسعة قرون وبعدة لغات (قبل الميلاد وبعده) . وهي التراث الديني اليهودي الذي يشتمل على العهد القديم (بأقسامه الثلاثة وأسفاره التسع والثلاثين) والتلمود (بقسميه: المنشا والجمارا) وقد سوغت نصوص هذه المصادر ارتكاب كل ألوان العنف والعدوان ضد الشعوب غير اليهودية، فهذه النصوص تقسم البشرية إلى قسمين: (اليهود) أو العبرانيون، وهم شعب الله المختار وأبناؤه وأحباؤه وأمته المقدسة، ولا تقبل العبادة إلا منهم، والقسم الثاني هم (الجوييم) أو الأمميون أو الأغيار، أي غير اليهود، وقد خلقوا من طينة شيطانية، والهدف من خلقتهم خدمة اليهود، ولم يمنحوا الصورة البشرية إلا بالتبعية لليهود ليسهل التعامل بين الطائفتين، وذلك تكريمًا لليهود (١) .

وقد أرّخت هذه المصادر للتاريخ اليهودي المتخم بالحروف والفتن والمصائب، ومن خلال نوعية الحروب التي قادها أنبياء بني إسرائيل وملوكهم - كما تصف هذه المصادر - أو الفتن والمصائب التي تعرضوا لها أو تسببوا فيها، سوغت الصهيونية لنفسها العدوان بكل الصور على (الجوييم) ، سواء العدوان الذي يستهدف الأخلاق والعفاف والجانب المعنوي والروحي، أو العدوان الذي يستهدف الابتزاز المالي والكسب اللامشروع للثروات، أو العدوان والعنف والإرهاب الذي يستهدف مقدسات الآخرين وأراضيهم وأرواحهم وأعراضهم، وذلك بدافع الاستكبار والكراهية والحقد والانتقام إضافة إلى دافع البحث عن الحقوق التاريخية الموهومة.


(١) للمزيد انظر: د. رشاد عبد الله الشامي، الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>