للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلسطين في الفكر الصهيوني:

أرض فلسطين تشكل المركز في الفكر الصهيوني، فهي (أرض الميعاد وهي نواة (إسرائيل الكبرى) وهي الحلم الذي يدغدغ المشاعر التاريخية للصهاينة بالعودة وبنهاية مرحلة الشتات. وهي في مجملها أوهام تأسست على أساطير تاريخية، وبكلمة أخرى فهي ليٌّ لعنق بعض النصوص اليهودية التاريخية، ومن هنا جاءت تسمية (الصهيونية) نسبة إلى جبل (صهيون) في فلسطين وهو جبل مقدس لديهم، وقد أطلق هذه التسمية اليهودي الألماني (ناتان بيرنياوم) في عام ١٨٩٠م، ويقصد بها الحركة والأيديولوجية التي تعبر عن هدف الشعب اليهودي في العودة إلى فلسطين. وهذا هو الهدف القومي التاريخي يمثل - كما يزعمون - إرادة إلههم (يهوه) الذي اصطفى (فلسطين وطنًا لبيته وسكناه) ، فقد جاء في سفر التكوين: " قال الرب لأبرام: اذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فذهب أبرام كما قال الرب، فأتوا إلى أرض كنعان. وظهر الرب لأبرام وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات" (١) . وحينها حل العبرانيون في فلسطين كمهاجرين أو مغتربين كما يقول النص التوارتي: "وتغرب أبرام في أرض الفلسطينيين أيامًا كثيرة " (٢) .

وقد حدد المؤتمر الصهيوني الأول في بال بسويسرا عام ١٨٩٧م هدف (المنظمة الصهيونية العالمية) التي تأسست بقرار من المؤتمر بهذه العبارة: "إن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام" (٣) . وسوغت المنظمة - نظريًّا - لكل أساليب العدوان والعنف لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك الهجرة الجماعية والغزو والاحتلال والاستيطان ومصادرة أراضي الغير وتشريدهم واستباحة المقدسات والأعراض والقتل والتعذيب. كما قررت المنظمة أن تكون فلسطين أرضًا يهودية خالصة (٤) ، وأن تكون أراضي الدول المجاورة (لبنان، سوريا، الأردن) عمقًا أمينًا وامتدادًا حيويًّا لها؛ تمهيدًا لتحقيق هدف " إسرائيل الكبرى ... من النيل إلى الفرات".

والتقت المصالح الصهيونية - البريطانية في بدايات القرن العشرين عند نقطة إيجاد وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو ما أعلنه آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا عام ١٩١٧م. ثم تحقق هذا الوعد (البريطاني وليس الإلهي) بإعلان بن غوريون عن قيام (دولة إسرائيل) ، والذي بدأه بكلمة: "أرض إسرائيل هي مهد الشعب اليهودي"محققًا بذلك الأسطورة التاريخية التي تبدأ بعودة العبرانيين لأرض الميعاد وتنتهي بإبادة الكنعانيين والفلسطينيين والشعوب العربية المجاورة. وأعادت الحركة الصهيونية حينها تأكيدها على أن القدس (أورشليم) هي عاصمة (إسرائيل) الأبدية، وهو خيار تاريخي لا تمتلك العصبية اليهودية باتجاهاتها العلمانية والدينية خيارًا آخر له.


(١) سفر التكوين: ١٢/١.
(٢) سفرالتكوين: ٣٤/٢١.
(٣) آلان بواييه؛ أصول الصهيونية.
(٤) للمزيد انظر: أسعد عبد الرحمن، المنظمة الصهيونية العالمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>