للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تهويد فلسطين:

تهويد فلسطين هو العنوان الرمزي للاستراتيجية العليا للحركة الصهيونية، والتي بدأت بتنفيذها منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، أي في أعاقب انعقاد المؤتمر الصيهوني الأول مباشرة. وهذا لا يعني عدم وجود خطوات سابقة بهذا الشأن، فقد قام بعض أصحاب رؤوس الأموال اليهود في بريطانيا وأمريكا بدعم مشاريع بناء الأحياء والمستوطنات والكنائس اليهودية في فلسطين ابتداءً في عام ١٨٤٢م، بينها حوالي (٢٧) مستوطنة في القدس وحدها. ونشط هذا التحرك بعد مؤتمر بال عام ١٨٩٧م، تصاحبه صيحات رواد المنظمة الصهيونية، ولاسيما (هرتزل) و (نوردو) بتفريغ فلسطين من سكانها ونقلهم إلى البلدان المجاورة، وأخذ الاستيطان شكلًا منظمًا في أعقاب وعد بلفور عام ١٩١٧م برعاية حكومة بريطانيا وبعدم مباشر من سلطة الانتداب البريطاني الذي بدأ في فلسطين عام ١٩٢٠م. وكان الغزو البشري اليهودي يتصاعد تصاعدًا مطردًا، حتى بلغ عدد اليهود في فلسطين عام ١٩٢٥م حوالي (٧٥٠٠٠) نسمة، أي ما نسبته (١٠ %) فقط من عدد سكان فلسطين، وقفز العدد إلى (٢٥٠٠٠٠) عام ١٩٢٩م، ثم ما يقرب من (٣٥٠٠٠٠) عشية تقسيم فلسطين عام ١٩٤٧م بقرار منظمة الأمم المتحدة. وخلال حرب عام ١٩٤٨م والعام الذي يليه ارتفع العدد إلى (٦٠٠٠٠٠) نسمة، وهو ما يعادل (٣١ %) من عدد السكان.

وتسبب قرار التقسيم وإعلان قيام دولة (إسرائيل) إلى تهويد القسم الذي أصبح جزءًا من الكيان الصهيوني، ومنه القدس الغربية (التي تشكل حوالي (٨٤ %) من مساحة مدينة القدس) .

وبالتدريج أصبح الفلسطينيون أقلية في هذه المناطق، وهم الذين يطلق عليهم فلسطينيو ١٩٤٨م أو عرب الداخل. وتمدد الكيان الصهيوني على القسم الذي أقرت الأمم المتحدة بقاءه عربيًّا، فاحتلت سلطاته قطاع غزة ومناطق الضفة الغربية خلال حرب ١٩٦٧م، بل وتجاوزت حدود فلسطين لتحتل شبه جزيرة سيناء (المصرية) ومنطقة الجولان (السورية) ، ثم وحدت شطري القدس تحت سيطرتها، وطبقت في هذه المناطق أيضًا استراتيجية التهويد، مستخدمة كل أساليب العدوان والشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>