جاء الغزاة الصهاينة إلى فلسطين وهم يحملون البنادق ويبيتون الشر لأرض المقدسات، ففي مطلع القرن العشرين الميلادي بدأ اليهود الصهاينة بتسليح أنفسهم وتنظيم صفوفهم، وانتهت هذه الإرهاصات إلى مبادرة الوكالة اليهودية في فلسطين إلى تأسيس منظمة عسكرية سرية في عام ١٩٠٧م شعارها:"سقطت يهودا بالدم والنار، وستنهض بالطريقة نفسها". وحملت اسم (هاشومير) بعد عامين، ثم أعيد النظر في برامجها ونشاطها عام ١٩٢٠م لتظهر في إطار منظمة عسكرية جديدة أكثر قوة وعنفًا في منظمة (هاغاناه) . وإلى جانبها تأسست عصابة مسلحة أخرى تحمل اسم (أرغون) ، ثم اندمجت المنظمتان عام ١٩٤٨م ليتشكل منهما جيش الكيان الصهيوني.
وفضلًا عن الأعمال الإرهابية التي مارستها هذه العصابات ومن ثم ما عرف بـ (جيش الدفاع الإسرائيلي) داخل فلسطين، فإن الحركة الصهيونية العالمية مارست إرهابا منظمًا آخر خارج فلسطين، لكنه استهدف هذه المرة اليهود أنفسهم، فقد التقت المصالح الصهيونية مع مصالح حكومات بعض الدول الكبرى عند نقطة إجبار اليهود على الهجرة إلى فلسطين، ومنذ ذلك التنسيق الصهيوني مع النازية في ألمانيا ومع الشيوعية في الاتحاد السوفيتي والصليبية الاستكبارية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية؛ لاستفزاز اليهود في أوروبا والمنطقة العربية والإسلامية، من خلال محاصرتهم سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، والقيام بأعمال عنف وإرهاب ضدهم؛ بهدف ترحيلهم عنوة إلى فلسطين، ولاسيما بعد أن رفض كثير من اليهود الموزعين على دول العالم المختلفة فكرة الهجرة إلى فلسطين، حتى اضطر هؤلاء للجوء إلى فلسطين هربًا من الاضطهاد المفتعل، وبهذا المخطط تمكنت الحركة الصهيونية العالمية من حشد اليهود في فلسطين.
وفي داخل فلسطين، تعرض الإنسان والمقدسات إلى أبشع أعمال العنف والإرهاب والعدوان على يد العصابات الصهيونية المسلحة القديمة والجديدة، والسلطات المدنية والعسكرية الصهيونية. ولاشك أن الكتب والبحوث والإحصاءات التي تحدثت عن الجرائم والمجازر التي قام بها الصهاينة في فلسطين تعد بالآلاف، وقد لا نأتي بجديد في هذا المجال، ولكن نختصر الطريق إلى الحقيقة من خلال عرض نماذج للاعتداءات التي قام بها الصهاينة على المقدسات الإسلامية في القدس والخليل، وتحديدًا على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي على اعتبار أن اليهود يطلقون على المسجد الأقصى اصطلاح (شناعة الخراب) ، ويعنون بذلك معبد الأصنام والتماثيل، وهو مصطلح قديم أسقط على المسجد الأقصى، فيما يعتبرون الحرم الإبراهيمي حرمهم وكنيسهم الذي لا يحق للمسلمين دخوله.