على أثر الحرب العالمية الثانية اندفعت الحركة الصهيونية في جهودها من أجل إعلان الدولة الصهيونية، فقامت الحكومة البريطانية عام ١٩٤٧م بعرض القضية على الأمم المتحدة التي كانت واقعة تحت النفوذ الأمريكي، فأصدرت قرار تقسيم فلسطين وقيام دولة يهودية وأخرى عربية فيها، وأعلنت يوم ١٥ مايو (أيار) ١٩٤٨م موعدًا لنهاية الانتداب البريطاني على فلسطين.
ولكن قرار التقسيم هذا الذي أصدرته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧م وقبلته الصهيونية لم يكن في نظر قادتها إلا الخطوة الأولى، ولذلك فإنهم لم ينفذوا منه إلا ما كان في صالحهم، وهو الإقرار بمبدأ دولة مستقلة لهم، أما وجود دولة عربية أخرى، ووجود شكل من الوحدة الاقتصادية بين دولتين، وقيام لجنة وصاية من الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ القرار، وصيانة حقوق كل الأطراف المعينة، فقد ضربت به القيادات الصهيونية عرض الحائط، وجعلت منه نصًّا ميتًّا، سرعان ما انسحب عليه ظل النسيان، بل لقد ذهب الصهاينة إلى أبعد من هذا في الاستهتار بقرار الهيئة الدولية الذي يتمسكون به شكلًا كسند شرعي لوجود دولتهم، فقد احتلت قوات الهاجاناه يافا وعكا مثلًا قبل ١٥ مايو ١٩٤٨م والمدينتان واردتان في قرار ٢٩ نوفمبر ضمن حدود الدولة العربية واحتلالهما سابق لتدخل الدول العربية الذي اتخذته إسرائيل ذريعة سابقة لتدخل الدول العربية من أجل ضم أجزاء أخرى واسعة من إقليم الدولة العربية.