وهل هناك دراسة للآمال الإنسانية توضح أن هذه الآمال تنحصر في الحرية التعبيرية والعقدية والتخلص من الخوف والفقر؟
وهل صحيح أن الأمل الإنساني يكمن في تحرره في التعبير بما يشاء والاعتقاد بما يشاء دونما أية ضوابط حتى لو استهزأ بمقدسات الآخرين مثلًا؟
ثم أليس هناك خلط بين الأسس والبنى الفوقية؟ إلا أن يقال: إن الآمال الإنسانية يجب تحقيقها باعتبارها حاجات ضرورية؟
فإذا كان الأمر كذلك. قلنا: أليس الأمل الإنساني في الوصول إلى معرفة المطلق الخالق، والاستناد إلى القوة المطلقة، والعبودية للمالك الحق أملًا إنسانيًّا عامًّا يتجلى من خلال استعراض مجمل التاريخ الإنساني؟
ثم أليس الأمل الإنساني العام يكمن في تحقيق نظام خلقي شامل؟ فأين الحديث عنه؟
بل أليس فسح المجال للتحرر في كل مجال (السلوكي والعقائدي، والاقتصادي والسياسي) - دونما تقييد بقيمة خلقية - يؤدي إلى فناء قسم كبير من النظام الخلقي؟
وهكذا الحديث عن باقي الأسس المذكورة في مقدمة الإعلان.
وعلى أي حال، فإن الباحث لا يستطيع أن يدرك العلاقة المنطقية بين الأسس والبنى الفوقية، بل قد يلمح أهدافًا سياسية أخرى من خلال تعبيرات أخرى، من قبيل (لئلا يضطر الإنسان للنهضة والثورة باعتبارها آخر علاج) .
و (ضرورة تشجيع العلاقات الودية) وأمثالها، ليدرك الهدف الذي يطرحه المشككون في دوافع الإعلان العالمي على ضوء الظروف التي طرح فيها:
حيث إنه طرح بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وسيطرة القوى العظمى على العالم.
وحيث خرجت أمريكا منها منتصرة بأقل قدر من الخسارة في الأموال والأرواح، في حين خرجت الأقطار الأوروبية ضعيفة منهكة القوى من جهة، وراحت الشيوعية توسع من نفوذها بطرح فلسفة تاريخية تبتنى عليها نظرية ثورية تسيل لها لعاب الجماهير المحرومة فتجذبها إليها من جهة ثانية.
وحيث التوق العالمي إلى نظام جديد تقل فيه النزاعات ويتحقق فيه الحلم الإنساني لقيام النظام الأفضل.