للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أجل التذكير بما تزخر به شرعيتنا الغراء من أحكام في هذا الموضوع، أتقدم لهذه الدورة المباركة، بهذا البحث الذي خصصته للمواضيع التي يدعي البعض أن الشريعة الإسلامية أحجمت عن تنظيمها، ثم نظمها البيان العالمي لـ حقوق الإنسان، وقبل أن ندخل في تفاصيل الأحكام والقواعد التي سنتعرض إليها، والتي سنبين فيها أن كثيرًا من أحكام ذلك البيان، سبقه الإسلام إلى سنها وضبط أحكامها، وفي كثير من المبادئ التي لم تقتبسه من الإسلام، أتى ذلك البيان خارجًا عن تكريم الإنسان فيها، ولا يمكن أن ترغم الشرعية على الاستسلام لقبول كل أحكامه فيها، ولكن يجب أن يعدل هو حتى يتبنى ما وجهت إليه الشريعة الإسلامية لصلاحيتها لكل زمان ومكان.

ومن خلال هذا المنظور، تترتب علينا نحن حَمَلة الشريعة الإسلامية، أساسيات يجب الدفاع عنها، منها: أنا مطالبون بتوضيح السلبيات التي علقت بالبيان العالمي لـ حقوق الإنسان، لأنا ملزمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الثانية: يجب علينا أن نوجه العالم إلى أسباب استنكار الإسلام لبعض التصرفات التي تبيحها بعض القوانين وحرمها الإسلام، ودعمت اكتشافات النظريات الطبية أهمية تلك المبادئ التي أصلها الإسلام كضمانات تحفظ الفرد في حياته ومماته.

وحتى نتمكن من الإحاطة ببعض المبادئ العامة لهذا الموضوع، فسنقسم هذه الدراسة إلى عدة محاور تهم الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية، ثم ننهي بخاتمة نؤكد فيها ضرورة الإسراع بإخراج بيان عالمي لـ حقوق الإنسان من صلب نظريات الشريعة السمحة، فالقيم والمبادئ والمثل التي أتى بها، تمكننا من استخراج منظومة قادرة على الاستحواذ على كل المستجدات الصالحة من سلوك الإنسان، فالأساليب الحضارية التي ميزت فترة انتشار الوعي الإسلامي وتحكم حضارته، مازال الإسلام يختزن القدر الكافي منها لتهيئة إطار يمكن من مجموعة قيم تحيط الإنسان بمختلف القواعد التي تؤمن حريته وعقيدته واختياره وممارسته لكل ما يعزز إنسانيته، فما بين الإنسانية من فوراق وأحقاد وتحكم وطغيان وجبروت، لا يمكن أن تتبرأ من مسؤولياتها ترسانة القوانين التي تعج بها خزائن الدنيا، بما في ذلك البيان العالمي لـ حقوق الإنسان الصادر يوم ١٠ ديسمبر ١٩٤٨م، كلها لم ترق، إذا وقعت المقارنة بإنصاف، إلى ما وصلت إليه الشريعة الإسلامية بنصوص محكمة، ومنها قاعدة اختلاف البشرية على وجه الأرض إلى يوم الدين، ولذلك خلقهم الله ونظم أحكام اختلافهم عبر الإنصاف والتسامح من منهم تحكمت فيه تعاليم الوحي الإلهي.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>