للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المبادئ تثبت أن الإسلام وضع الإطار العام لتعايش بني البشرية تحت لواء المساواة والأخوة وعدم الاعتداء، وكرس ذلك قيام المجتمع الأول في صدر الإسلام الذي ذابت فيه السلالية وما تمليه من نعرات، كما اختفت فيه الاعتداءات التي كانت سائدة في أرض الجزيرة التي انطلق منها فجر الإشعاع الإسلامي.

ويلخص تلك المساواة الدكتور علي عبد الواحد وافي عندما استشهد بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: ١٣] ، فقال: إنها خاطبت بني البشرية بما مضمونه: "إنكم جميعًا منحدرون من أب واحد وأم واحدة فلا فضل لأحدكم بحسب عنصره وطبيعته، وإذا كان الله قد جعلكم شعوبًا وقبائل، فإنه لم يجعلكم كذلك لتفضيل شعب على شعب، أو قبيلة على قبيلة، وإنما قسمكم هذا التقسيم ليكون ذلك وسيلة للتعارف والتمييز والتسوية" (١) .

إننا عندما نريد إثبات اهتمام نظريات الشريعة الإسلامية بـ حقوق الإنسان، لا نتكلم عن نظريات افتراضية، أو تطلعات احتمالية لكل واحد منا الحرية في أن يصفها كيف شاء، أو يقدم نفسه للناس على أنه حاميها حسب تكييفه الخاص به، لأن الإسلام أسمى من ذلك وأكبر قداسة، وأحكم قواعد وأصدق خبرًا وأثبت نظمًا، فأسسه ليست من إنتاج البشر، ما تلبث أن تتجاوزها تطورات الزمن، كما حصل لما نسب تحريفًا إلى الكتب الإلهية.


(١) حقوق الإنسان في الإسلام، لعلي عبد الواحد وافي، ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>