للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الثالث

الحقوق الاقتصادية والثقافية في الإسلام

لابد من القول بالنسبة للحقوق الاقتصادية، إلى أن الشريعة جعلت المال مصلحة تخدم الأمة ابتداء من سد خلات أفرادها إلى تسليح جيشها وبناء مرافقها، والتطبيق السليم للشريعة الإسلامية يجعل المال مجرد مؤسسة تحرك العجلة الاقتصادية، فينال صاحبه كثيرًا من الأجر، مع أن التمتع به خاضع لشروط، إذا لم تطبق إما أن ينزع المال من يده، وإما أن يصبح وسيلة لشقائه، وعلى هذا الأساس قامت حرية التملك بدون حدود، لمن راعى حق الله في أمواله، ومن هذا المنطلق الذي ركزت عليه الآيات والأحاديث المتواردة، غدا المال مؤسسة يؤدي دورًا طلائعيًّا داخل المجتمع الإسلامي، وهكذا أفسح الإسلام المجال للإنسان أن يستخدم مواهبه ويستثمر حقه كاملًا في محاولة تحصيل المال جمعًا واستثمارًا، على شرط سلامة أصوله من المحرمات، وإناطته بالتزامات تجاه الأمة بصفة عامة، وتجاه فئات من أفرادها بصفة خاصة، فترتبت لهم عليه حقوق مالية تعزز مجموعة النظم التي خص بها الإسلام حقوق الإنسان، وحتى يظهر تفوقها على ما قررته المادة الثانية من القسم الثاني من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، نستعرض بعض النماذج من تلك النصوص تباعًا:

١ - التكاليف العامة: أوجب الإسلام الإنفاق من بيت مال المسلمين على الفقراء والعجزة والمعوقين، فمن ليس له مال منهم ولا قريب موسر يقوم بأعبائه المالية، فقد ترتبت في إطار التكافل الاجتماعي نفقتهم على بيت المال، وألحقت بهم المرأة إذا لم يكن أحد الأصناف الذين أوجب عليهم الشارع القيام بأمورها، وهذا الواجب موجود قادر على القيام بأعبائها المالية، ويدخل فيه كل من يخضع لسيادة الدولة حتى من المعاهدين والذميين، ويجسد ذلك قصة عمر مع الذمي الضرير عندما رآه وقد كبرت سنه ودق عظمه ولا مال لديه ولا معيل فقال: "أهلكنا شبابه ثم ضيعناه في شيخوخته، ففرض له من بيت المال ما يكفيه"، أخرجه أبو يوسف في الأموال.

<<  <  ج: ص:  >  >>