للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الرابع

حق التعلم والتثقيف

لم يلح التشريع الإسلامي على شيء أكثر من عنايته بالعلم، فهو المدخل حسب منهج الشريعة لكل أمر، فيه تستقبل أمور الحياة، وبه يدرك أمرها وتحل ألغاز كثير من تعقيداتها، وبه تحصل الدرجات العليا لمن حصل عليه، ولقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم المشتغلين فيه ورفع الله أهله درجات، وخصاله التي خلدتها النظرية الإسلامية أكثر من أن تحصى.

فأول ما بدأ الله به برنامج هدايته لكونه على يد نبيه الأمين عليه الصلاة والسلام هو أمره بالقراءة، وذلك عندما قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق: ١- ٤] ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبده خيرًا فقهه في الدين)) . وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة)) (١) ، وعن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع)) . وفي الباب أيضًا عن سخيرة ((من طلب العلم كان كفارة لما مضى)) وهذا الحديث ضعفه الترمذي وفيه عن هارون العبدي قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري فيقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالًا يأتونكم من أقطار الأرضين يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا)) (٢) .

هذا أكبر دليل على احترام حق التعلم في الإسلام، فلفظ الحديث أتى عامًّا جميع الناس، ثم قال: استوصوا بهم خيرًا، كما نص على أنهم من جميع الأقطار.


(١) رواه أبو داود والترمذي.
(٢) هذه الأحاديث في صحيح الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>