وفي سنن أبي داود أن رجلًا جاء إلى أبي الدرداء، وهو جالس في مسجد دمشق فقال: يا أبا الدرداء جئتك من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جئت لحاجة، جئت لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو الدرداء: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) . والأحاديث والآثار كثيرة في هذا الموضوع، تبين مدى اهتمام الشريعة بالعلم.
ويروى:((طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)) لابد منه لكل مسلم، فيشمل الواجب وأحكام فرض العين، بينما شمولية الدعوة إليه استحبابًا أتت بها آيات قرآنية ميزت العلماء، وأعطتهم منزلة خاصة، قال الله عز وجل:{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩] ، وقال:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((العالم والمتعلم شريكان في الخير)) (١) ، وقضية أسرى بدر وفك أسر كل واحد منهم إذا هو علم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، توضح لنا مدى اهتمام دولة الإسلام بمراعاة حق الإنسان في التعلم.
قال سعيد حوى في كتابه (الإسلام) : بأن تعلم كل فن فرض كفاية إذا قام به ما يكفي لسد حاجات الأمة، سقط عنهم ذلك الفرض، وإذا لم يبادر إليه ما تحتاجه من رعاياها، وجب على الإمام توجيه القدر الكافي إليه، وإن لم يفعل انتقل فرض الكفاية إلى فرض العين، قال عز وجل:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة: ١٢٢] .