للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا بالنسبة لمختلف العلاقات بين الدول، أما أمر المقيمين بأرض الإسلام فقد نظمت شريعتنا الغراء أحوالهم عن طريق ثلاث حالات:

١ - مسلم نزح من بلد مسقط رأسه، ثم أتى لبلد مسلم؛ فهذا يعتبر في بلده، لأن دولة الإسلام لكل المسلمين.

٢ - معاهد تعاقد مع الإمام على صيغة معينة، تمكنه من حق السكنى مع المسلمين، فيجب الوفاء بالعهد له، انطلاقًا من قول الله عز وجل: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: ٩١] .

٣ - ذمي وقد حددت طريقة التعامل معه، عن طريق عقد الذمة، الذي بسببه يصبح له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، فلهم حق تعليم أبنائهم وحماية أموالهم وأمان أنفسهم وحفظ كرامتهم، يجب على الإمام حمايتهم من المسلمين وغير المسلمين، ولذا قال علي كرم الله وجهه: إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا. وقال عمر وصية للخليفة بعده: وأوصيه بأهل ذمة المسلمين خيرًا أن يوفي لهم بعهدهم ويحاط من ورائهم.

وإذا تحاكم إلينا مسلم وذمي (أجنبي) مقيم في دولة الإسلام، وجب الحكم بينهما بالعدل، لأن علينا حمى كل واحد منهم من ظلم الآخر (١) .

وفي المحلى أن عليًّا كرم الله وجهه تحاكم مع يهودي، فحكم القاضي لليهودي على علي لعدم البينة مع علي، فقبل أمير المؤمنين الحكم، والحال أنه في الخلافة آنذاك، وقد ذكرت قصته من قبل.

قال الشافعي في الأم: "لا أعلم أحدًا من العلماء مخالفًا على أن النبي صلى الله عليه وسلم هادن يهود خيبر عند مجيئه للمدينة، فشملهم ما شمل المسلمين من التمتع بجميع الحقوق حتى نقضوا عهدهم " (٢) .


(١) المغني لابن قدامةالحنبلي:٦٢٣/١٠
(٢) الأم: ٢٨٠/١

<<  <  ج: ص:  >  >>