ويمكن تعريف حقوق الإنسان بالنسبة للشريعة بأنها: تلك المزايا الشرعية الناشئة عن التكريم الذي وهبه الباري جلت قدرته للإنسان {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ}[الإسراء:٧٠] وألزم الجميع طبقًا للضوابط والشروط الشرعية باحترامها.
وقد يكون من المناسب الاستشهاد بكلام للقاضي عياض اليحصبي عن الشريعة حيث يقول: إن أحكام الشريعة أوامر ونواهي تقتضي حثًّا على قرب ومحاسن، وزجرًا عن مناكر وفواحش، وإباحة لما به صلاح هذا العالم، وعمارة هذه الدار ببني آدم، وأبواب الفقه وتراجم كتبه كلها دائرة على هذه الكلمات، وسنشير إلى رموز في كلمات هذه القواعد.. (١) .
بذلك تدرك أن الباري جل وعلا هو أصل هذه الحقوق فهي منحة ربانية، وهي تشريف وتكليف للإنسان باعتباره مستخلفًا في الأرض، وسخر له الكون ليديره برشاد وسداد، وفي مقابل هذه النعمة فعليه حقوق العبادة للخالق جلت قدرته، وهنا ينشأ حقان: حق الله تعالى وحق العباد، وبعبارة أخرى ينشأ الواجب والمسؤولية، فعندما تقرر الحرية للإنسان واستقلال الاختيار، فهذه الحرية محكومة بحدود حرية الآخر (لا ضرر ولا ضرار) لتصبح الحرية أرضية لنمو المسؤولية ورعاية الفرد والمجتمع، مسؤولية الفرد تجاه ربه وتجاه نفسه وتجاه أبناء جنسه.