للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أصل العلماء ما سموه بـ مقاصد الشريعة، أي المعاني المستنبطة من مجمل النصوص الشرعية للتعريف على أهداف الشريعة ومراميها مجردة عن النصوص، حيث فصل أبو إسحاق الشاطبي تكاليف الشريعة قائلًا: إنها ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تكون ضرورية.

والثاني: أن تكون حاجية.

والثالث: تحسينيه.

أما الضرورية: فمعناها أنه لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وتهارج وفوت حياة وفوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين. (١)

إن هذه المقاصد تنطوي على صيانة سائر ال حقوق الإنسان ية الأساسية والاقتصادية، إلا أنها تزيد عليها بحقوق أخرى لا غنى عنها للإنسان في ترقيته وحمايته، وهما هدفا حقوق الإنسان، فالضرورية تترجم بحق الحياة، وحق التملك وحق تكوين الأسرة مع زيادة حق العقل وحق التدين وحق النسل.

وقد أوضح ذلك الشاطبي بقوله: فقد اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشرعية شرعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين والنفس والنسل والمال والعقل (٢)

وقال الغزالي: أمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه شرط في وجوب التكليف بالعبادات (٣) .

أما المقصد الحاجي: فهو يترجم حق الإنسان في التعليم والمسكن وغيرهما من الحقوق التي ترفع مشقة الحياة وتؤمن الحياة الكريمة: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .

أما المقصد التحسيني: فيرمي إلى منح الحياة الجمال والمتعة والتمتع بالطيبات طبقًا لقوله جلت قدرته: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف:٣٢] .


(١) أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات: ٢/٨ - ١٠.
(٢) أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات: ١/ ٣٨.
(٣) أبو حامد الغزالي، المستصفى: ١ / ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>