للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الفترة بالذات في القرن السابع الهجري كانت الدراسات المتعلقة بأصول الفقه قد نضجت نضجًا كبيرًا، كانت نتيجة كتب إمام الحرمين الجويني وتلاميذه وبخاصة أبا حامد الغزالي، حيث تم التركيز على مقاصد الشريعة المبنية على المصالح جلبًا، والمفاسد درءًا باعتبارها مسلكًا من مسالك تعليل الأحكام، وفي هذا التطور العقلاني لأصول الفقه برزت المصلحة أساسًا للتشريع تأصيلًا وتعليلًا، وألفت كتب تحت عنوان المصالح، وكان من أبرع المؤلفين العز بن عبد السلام الشافعي المولود في أواخر القرن السادس الهجري والمتوفى سنة ٦٦٠ هـ، وكان كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام) يمثل توجهًا جديدًا في الطرح الأصولي أو فلسفة التشريع، حيث اعتبر أن الشريعة ترجع إلى مصالح العباد، وأن "معظم مصالح الدنيا ومفاسدها معروفة بالعقل، وذلك معظم الشرائع ". (١)

وهكذا كان بحث المصالح وتشعباتها أساسًا لبحث الحقوق، وقد أفاض العز في تسع صفحات من كتابه في الحقوق وأنواعها، حيث بدأ الحديث عنها بقوله: فمعظم حقوق العباد ترجع إلى الدماء والأموال والأعراض، واستشهد بوصيته عليه الصلاة والسلام المؤكدة في حجة الوداع، وقسم حقوق العباد (الإنسان) إلى ضربين: حقوقهم في حياتهم، وحقوقهم بعد مماتهم.

وقسم الحقوق إلى مقاصد، ووسائل، وحقوق ناشئة عن سبب، وحقوق ليس لها سبب، وحقوق الخالق، وحقوق العبد (الإنسان) ، وحقوق متفاوتة في مراتبها وحقوق متساوية، وترتيب حقوق الله تعالى، وترتيب حقوق العباد (الإنسان) لترجح المصالح جلبًا، والمفاسد درءًا، وتساوي الحقوق، وتقديم حق الله تعالى على حقوق العباد، وتقديم حقوق العباد على حقوق الله تعالى، وخصص فقرة لحقوق الحيوان على الإنسان، ووضع قاعدة في بيان الحقوق الخاصة والمركبة.

* * *


(١) العز بن عبد السلام، قواعد الإحكام في مصالح الأنام: ١ / ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>