المصدر هو الجهة المقررة للمبدأ والمُشرِّعة له، والمرجع هو الخلفية التي على أساسها شرعت الحقوق فلسفية أو دينية.
ثانيًا: الاختلاف انطلاقًا من اختلاف المرجعية والمصدر في بعض المفاهيم:
مفهوم الترجيح بين الحق الجمعي أو حق الجماعة وبين حق الفرد، بينما تبدو النظرة الغربية أكثر ميلًا وترجيحًا لحق الفرد أو مصلحة الفرد تكون النظرة الإسلامية أكثر توازنًا، فهي تقوم على أساس أن الحرية تساوي المسؤولية، أي مسؤولية الفرد تجاه نفسه وتجاه غيره:((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) ، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] .
وإن الفرد ينظر إلى مصالحه ومفاسده من خلال جهته الفردية ومن خلال علاقته بالمجتمع:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة:١٧٩] ، فلا يجوز أن يضر نفسه، ولا أن يتسبب في ضرر غيره.
وقد شبه عليه الصلاة والسلام تعسف الفرد في استعمال حقه في الحرية وحق الجماعة في الحد من هذه الحرية لمصلحة الجميع بأصحاب السفينة، وذلك في الحديث:((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا)) (١) .
إن هذا الحديث يدل على أهمية حق الجماعة وترجيحه على حرية الفرد لصالح الجماعة والفرد معًا، وأن الحدود الشرعية إنما جاءت لحماية الجماعة والمجتمع.
وفي الحديث:((لا ضرر ولا ضرار)) ، ومن القواعد:(دفع الضرر العام مقدم على دفع الضرر الخاص) ، (وارتكاب أخف الضررين) ، و (تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة) .