وقد لا يبعد عن هذا المفهوم ما نسميه في الإسلام (بالمعروف) أو قاعدة العرف على اختلاف في المدلولين، وقد أشار إليه الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان كشرط من شروط التطبيق الميداني لمقتضيات الإعلان في المادة التاسعة والعشرين:"يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي ".
وقد فسر القانونيون النظام العام ومنهم السنهوري فقال:"أمر يتعلق بتحقيق مصلحة عامة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى، ولا نستطيع أن نحصر النظام العام في دائرة دون أخرى، فهو أمر متغير يضيق ويتسع حسبما يعده الناس في حضارة معينة مصلحة عامة، ولا توجد قاعدة ثابتة تحدد النظام العام تحديدًا مطلقًا يتماشى مع كل زمان ومكان، لأن النظام العام شيء نسبي، وكل ما نستطيعه هو أن نضع معيارًا مرنًا يكون معيار المصلحة العامة، وتطبيق هذا المعيار في حضارة معينة يؤدي إلى نتائج غير التي نصل إليها في حضارة أخرى ".
إن تعريف السنهوري هو تعريف دقيق للنظام العام من كونه مبدأ يختلف من نظام إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى، باعتباره راجعًا إلى النظام الأعلى للمجتمع، ولهذا عبر عنه بعض القانونيين الغربيين بأنه مبدأ غامض، وأن هذا الغموض متعمد ليتيح للسلطات المعنية تقدير الحاجة إلى التدخل مثلًا، فهو غموض يؤسس للمرونة التي يقصد المقنن إليها لتحقيق المصلحة المتوخاة.