للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى السنهوري في كتابه (مصادر الحق) أن النظام العام يرادفه في الفقه الإسلامي (حق الله تعالى) في مقابل الحق الخاص، وهو حق لا يمكن إسقاطه ولا العفو عنه، وبنى على ذلك كثيرًا من المسائل الفقهية والقانونية مقارنة.

ومن أمثلة ذلك في الشريعة أنه لا يمكن أن يتنازل عن نسبه لينسب إلى غير أبيه، وكل العقود التي يعترض فيها الشرع على إرادة المتعاقدين كالعقود الربوية والعقد على المحرمات كالخمر والخنزير (١) .

وسبق أن شرحنا أن النظام العام قد يرادف العرف، وهذا حيث يوجد فراغ تشريعي وهو أكثر (النظام العام) عند الغربيين، ولكنه قد يكون تطبيقًا لنص أو قاعدة، وحينئذ يكون قريبًا من حق الله تعالى الذي أشار إليه العلامة السنهوري.

وقد أشار القانوني الفرنسي هنري كابتان إلى أن (النظام العام) قد يكون ناشئًا عن مبادئ غير مكتوبة (العرف) ، ومبادئ مكتوبة، حيث يقول: إن النظام العام هو مجموعة المبادئ المكتوبة وغير المكتوبة التي تعتبر في النظام القضائي أساسية، ولهذا فإنها تلغي أثر الإرادة الفردية ومفعول القوانين الأجنبية.

أما الأستاذ كريستوف فيبيرا فيعرف النظام العام بما يلي: كل مجتمع يلزم أعضاءه باحترام مجموعة تضيق وتتسع من القواعد التي لها الأولوية المطلقة، والتي يطلق عليها عبارة (النظام العام) ، فكلمة النظام (Order) توعز بفكرة التوجيه والأمر والترتيب، وإضافة العمومي أو العام إليها تبرز أسبقية المصلحة العامة على المصلحة الشخصية الخاصة (٢) .

وعندما يشير إلى المبادئ غير المكتوبة فإنه يمنح للجهة التي تطبق القانون دورًا كبيرًا في تقدير نظرية النظام العام أو خلقها، وكذلك القاضي، مما يجعل النظام العام يدخل في فقه القضاء أو عمل المحاكم.


(١) ١/٨٦.
(٢) من بحثه: النظام العام والمجلس الدستوري. بالفرنسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>