للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اكتفى بعضهم بتعريف النظام فقط فقال عنه: إنه مجموعة القواعد التي يجب على المواطن أن يحترمها.

إن مجموع الحريات لا يمكن أن تكون مطلقة، فلو كانت كذلك لأدت إلى فوضى في كل نوع.

ومن هنا تبرز فكرة (النظام العام) ، إن وظيفة النظام تنحصر في ثلاثة أمور:

كأداة تحديد الحريات هذه هي وظيفتها، وكمعيار لأهلية السلطات للتدخل، وكوسيلة لرقابة المجلس الدستوري.

والأمثلة على ذلك من قرارات المجلس الدستوري الفرنسي عديدة، ومنها قرارات المجلس الدستوري في ٢٥/١/١٩٨٥م بصلاحية البرلمان في إعلان حالة الطوارئ في (جزر نوفل كالدوني) ، وهي حالة ليست منصوصة في الدستور، ومع أنها تحد من الحريات الفردية، وبرر المجلس ذلك بالمحافظة على النظام العام.

وهناك مثال آخر: فعندما منعت الحكومة البريطانية عرض فيلم يقدح في شخص المسيح عليه الصلاة والسلام رفعت بعض الجهات المهتمة ب حقوق الإنسان دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية باعتبار الحظر الذي فرضته الحكومة البريطانية منافيًّا لحق الإنسان في التعبير ونشر رأيه ... إلخ.

وبعد نظر المحكمة في الدعوى أيدت موقف الحكومة البريطانية باعتبار الفيلم المذكور مخالفًا (للنظام العام) في قرارها بتاريخ ٢٥ نوفمبر ١٩٩٦م، وهي نفسها المحكمة التي أيدت أخيرًا قرار السلطات التركية الذي يحظر حزب الرفاه الإسلامي، وذكرت في حيثياتها أنه يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك ما لا يتفق ومنظومة القيم الأوروبية، وبمعنى آخر النظام العام - الغربي -.

والمحكمة في كلتا الحالتين تحترم منظومة القيم الغربية التي تعتبر المسيح عليه السلام مقدسًا، وبالتالي فإن التضييق على حرية التعبير مشروع إذا كان يمس بتلك القدسية، انطلاقًا من مبدأ النظام العام، بينما تعتبر شريعة الإسلام غير مقدسة طبقًا لنفس القيم الغربية، فيجب تضييق نطاق حرية التعبير على من يطالبه بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>