ذلك هو منطق النظام العام الغربي، ولا يعنينا هنا أن نناقش الغربيين أو نبرز تناقض موقفهم نتيجة التعصب والاستعلاء، بل نعتبر أن موقفهم ينسجم مع نظرتهم الخاصة، وإنما الذي ينبغي أن يستوقف القارئ هو أن النظام العام هو نتيجة لموقف حضاري محدد، وإذا كانوا قد مارسوا حقهم في التعامل مع مبدأ نظامهم العام فلا أقل من أن يعترفوا لغيرهم بحقه في ممارسة نفس المبدأ، وأن يعترفوا في النهاية بالنسبية في مبدأ النظام العام، فلكل أمة نظامها العام ومنظومتها القيمية، وهكذا فإن مادة (٢٧) من الإعلان العالمي ل حقوق الإنسان عندما تنص على تقييد الحريات المنصوص عليها في الإعلان عندما تتعارض مع (النظام العام) وهو يختلف من بيئة إلى بيئة وثقافة إلى ثقافة، فقد يعتبر ذلك اعترافًا ضمنيًّا بتأثير التنوع الثقافي في حقوق الإنسان.
أما في الإسلام فإن المعروف هو أمر يلاقي الاستحسان العام ما يسمى في لغة العصر بـ الرضا الجماعي، ويقابله المنكر الذي يستقبل بالنكير العام، ولا شك أن خروج الإنسان عاريًا قد لا يلاقي من النكير الجماعي في مجتمع ما يلاقيه في مجتمع آخر، وهذا العرف الجماعي الناشئ عن الدين أو التقاليد باعتراف القانونيين الغربيين أساس من أسس القوانين في الغرب، إذ أن الفلسفة التجريدية لا تكفي لتؤثر في كثير من النظم الاجتماعية والقوانين الزجرية.