بهذا الاستعراض أردنا أن نبين بأن قصد الشريعة الإسلامية اليسر والسهولة ورفع الحرج والمشقة عن الناس، فرفع الحرج والمشقة من شريعة الله يعتبر أصلاً من أصولها ويكشف سر الإعجاز في خلودها.
ولما كان القصد من إحلال العملة الورقية محل العملة النقدية هو اليسر والسهولة، ورفع الحرج والمشقة عن الناس، وتلبية لقضاء حاجاتهم، وتحقيقًا لضمان مصالحهم بأيسر السبل وأخفها مشقة، وعملاً بأصل رفع الحرج والمشقة في شريعة الله؛ فإنني - وحسب علمي - لا أجد مانعًا شرعيًا من إحلال العملة الورقية محل العملة النقدية، طالما كانت تلك العملة الورقية تخضع في أحكامها لأحكام الشريعة النافذة على العملة النقدية، والتي أوضحَتْها سنةُ البيان النبوي على قواعد ضمان ميزان العدل بين الناس، وتحديد قيمتها المالية على أصول التعامل الشرعي، بقوله عليه الصلاة والسلام:((الذهب بالذهب رباء إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة رباء إلا هاء وهاء)) إلى آخر الحديث. رواه مسلم.
ومن خلال نص الحديث المشار إليه وغيره من الأحاديث الخاصة بالنقدين الذهب والفضة؛ فإننا نرى جواز التعامل بالعملة الورقية، وإحلالها في الأحكام الشرعية محل أحكام النقدين، وأن حكمها حكم النقدين، يجري عليها ما يجري على النقدين، ولأن البدل له حكم المبدل في عرف الفقهاء. وبالله التوفيق والله أعلم.