للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشطر الآخر من الموضوع: تغير قيمة العملة، فإن أساس بحث هذه المسألة العالمية ومناط الأشكال فيها يفترض في نظرنا وضعها في صورتها المتكاملة والواضحة، والإلمام الدقيق بكل أبعادها، وأسباب مسبباتها كقضية عالمية عميقة الجذور متشعبة الجوانب، لا يقتصر تأثيرها على شعب أو مجتمع بمعزل عما يدور بين الأمم والشعوب في عالمنا المعاصر، نظرًا لترابط المجتمعات والشعوب في عالم اليوم الذي لم يَسُدْ فيه ميزان العدالة الدولية، حيث عمل الاستعمار مباشرة - وما زال يعمل - على نهب خيرات الشعوب، وعلى زرع الفتن بينها، حتى لا تتفرغ لاستثمار ما أودعه الله في خزائن الأرض وأعماق البحار، كما جند في جانب آخر شركاته العالمية الاحتكارية، التي تتحكم بمصير اقتصادية أكثر الشعوب في ميادين الاقتصاد العالمي اليوم، حيث منعت هذه الشركات نقل التقنية الصناعية إلى الشعوب النامية والفقيرة وغيرها، مما يعتبر في عالم اليوم من الأسس الضرورية لرفع مستوى حياة هذه الشعوب، كما عملت من جانب آخر على رفع ثمن السلع الاستهلاكية وطلب قيمتها بالعملات الصعبة التي من خلالها يتم تحكمها على القيمة المالية للاقتصاد العالمي من خلال بنوكها ومصارفها العالمية، والذي يديرها اليوم كثير من يهود العالم بعد أن تمكنوا منذ قرون من جمع العملة النقدية من الذهب والفضة، وبالتالي جعلها مقياسًا لقوة الشعوب الاقتصادية، والتي تملك منها الشعوب الفقيرة والنامية نسبة ضئيلة لا تفي بجعل عملتها الورقية، ولا حتى بقوة اقتصادها، بأن تقف على قدم المساواة - فضلاً عن ميزان العدالة - في تقييم السلع المصدرة والمستوردة في القيمة المالية الحقيقية لما تصدره هذه الشعوب، حتى لا تملك مستودعات الذهب، ولما تستورد أيضًا تبعًا لميزان العدالة الدولية المختل.

<<  <  ج: ص:  >  >>